القلب المنيب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،،     وبعد 

إنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وأحسنَ الهديِ هديُ محمَّدٍ ، وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلُّ محدثةٍ بِدعةٌ ، وكُلُّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلُّ ضلالةٍ في النَّارِ . تحدثنا عن بعض المحدثات في ديننا، وكيف انه تم توارث الفكر وتعلمه بالتلقين من الأجيال السابقة، فما فعله الإنسان هنا هو النظر الى كلام البشر وعدم تطبيق كلام الله قولاً وفعلاً. مايجعلني اكتب هذا اليوم هو مشاهدتي لمقطع يتحدث فيه بعض علماء  الاسلام عن وجوب الجهاد، وقاموا فيه بتدشين الأناشيد والدعوة الى الجهاد. وهم يقصدون القتال في هذا. استوقفني هنا ان ما رأيته ولا خلاف في هذا انه قول من دون فعل، فكانوا يرقصون على هذا ولم يذهب واحداً منهم للقتال سواء كان الشيخ أو أتباعه. قال الله :   (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ). فموضوعنا هو الإيمان بكلام الله دون العمل بكل مافيه، بل نترك بعضه لأسباب جعلها الأنسان حجة له. أو مثلاً ان تقرأ سورة الصافات وتفهم معانيها ثم تذهب الى المسجد ولا تصطف بالطريقة الصحيحة، سواء طريقك أيقاف سيارتك في الخارج حيث انك قد تعطل السير بوقوفك الغير الصحيح وخروجك آخر واحد من المسجد، وذكرت موضوع الصف لأنه من الضروريات التي نحتاج تعلم الحكمة من ورائها. نحن نقتدي هنا بالملائكة وفقط جنود الله هم من يصطفون له في السراء والضراء وليس فقط وقت الصلاة، بل مستعدين ومصطفين ومستعدين لأي حدث ( إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلَّذِینَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِهِۦ صَفّا كَأَنَّهُم بُنۡیَـٰنࣱ مَّرۡصُوصࣱ)، فإذا مازلت في إستفسار على مايحبه الله، فهو يحب ان تتوكل عليه (إِن یَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن یَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِی یَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ)، ويرشدنا الله بالتجارة المطلوبة منا فعلها في الدنيا وهي  أن نجاهد في سبيله بانفسنا وأموالنا وكل ما لدينا، والجهاد هو جهاد النفس والروح والابتعاد عن المعاصي والثبات في عند الموت والثبات في الدنيا وكذلك القتال لمن تنطبق عليه شروط القتال فالمسلم لايقاتل عبثاً ولكن تحت ظوابط وشروط ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةࣲ تُنجِیكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیم).( تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ). 

أنظر الى كيفية اصطفافنا في الصلاة، الصحيح ان تلتصق الأرجل من الكعب وليس فقط أطراف الأصابع، وهذا ما ذكره لي أحد العلماء ولا أعلم عن صحة هذا لكن أعلم ان التصاق الأرجل أمر هام في هذا، ويدخل هذا ضمن الإستقامة والإعتدال.

وكيف تعلم أن هناك خلل في الأمة؟ عندما تقترب من الذي يليك لينتظم الصف لتراه يبتعد عنك. كلما تقترب منه لتلصق رجلك برجله، يبتعد عنك، هو لايعلم ماذا يفعل لاكن لسبب لايعلمه، يريد أن يجعل فجوة بينك وبينه. فأنظر الى الحكمة من الصف في الصلاة، يعلمنا الله من خلال الاصطفاف في الصلاة بالعمل في نظام محكم له أوقات محددة نجتمع فيها ثم نصطف لنصلي. لايذكرك هذا بالنحل وخليته؟ كيف يعمل النحل؟ إنه نظام محكم مقسم الى جماعات. أليس هذا مانفعله نحن؟ لكن يوحي الله الى النحل ليكون عمله مُتقَن فكيف لنا ان نُتقن عملنا ليصبح محكم كما أحكم الله عمل النحل؟ فالنحل وحدة لايستطيع فعل مايفعله ولابد أن الله تعالى بحكمته وعلمه، هو من علم النحل. 

 

فسؤالين يجب علينا أن نسألها لأنفسنا: 

كيف نتقن عملنا؟ 

لماذا نقول ما لا نفعل؟ 

نحتاج أن نضع بعض المسلمات ليكون الإنسان على بينة وإن لم تقتنع بهذة المسلمات، فأنصح بعدم التسرع والحكم على ماسيذكر، لعلك ترجع في كلامك يوماً ما. 

نحتاج أن نعلم اننا في زمن الكوارث والفتن، نحتاج ان نكون على يقين بأن الفساد يزداد يوماً بعد يوم، ولا نقول هذا الفساد لايؤثر علينا فنحن على صرات الله المستقيم، ليست هكذا لأن الفساد وصل الى مناهج الأبناء الدراسية، الى مايشهدونه على الانترنت وكذلك بعض العاب الفيديو، وكذلك وصل الفساد الى طعامنا، الى الماء الذي نشربه، الى عالم الدين فيفتى بمالايرضي الله، الى القاضي الذي يعمل بالرشوة، الى الحاكم الذي لايطيع الله ولا رسوله. كل هذا ليس فساد بعد، الفساد هو ان يتوهم الجميع بانهم على صواب وفيها يصبح المنافق صالح والصالح منافق والحق باطل والباطل حق. فيها يُؤخذ بكلام العلم ويترك كلام الله، أو يُفسر كلام الله بناء على ماوصل عليه العلم وليس العكس، فيظن الظلوم الجهول انه على علم وصواب ويعتقد ويظن وتوهم ويقول مالايفعل. يقول ذهب الى الفضاء والله يقول ان الإنسان لايستطيع ذلك، بل يقول الله انها سماء وبدل الظلوم الجهول السماء بالفضاء. قِس على هذا كل شيء.

 قال الله :   ( وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مِن جِبَالࣲ فِیهَا مِنۢ بَرَدࣲ فَیُصِیبُ بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ وَیَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن یَشَاۤءُۖ یَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ یَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَـٰرِ)، فقال الله (وينزل من السماء من جبال فيها من برد)، سؤالي لك كيف تفسر هذة الآية؟ هل لديك تفسير علمي لها؟ او دعنا نستخدم مصطلح الجهل الأكبر، ماهو الإعجاز العلمي في هذة الآية؟ فسر العلماء هذة الآية بأن المقصود بالجبال هنا هو السحب، أي جبال من السحب. قد يكون هذا الكلام صحيحاً حيث ان جبال السحب وهي الأعظم هي ماينزل منها البرد. لكن اذا تريد فهمي الحقيقي لها، ونعلم انه لامبدل لكلام الله، الله قال جبال في السماء ومعنى هذا انها فعلاً جبال في السماء، وإن لم تكن مثل جبال الأرض، فهي أيضاً جبال أي تمتلك نفس خواص الجبل الذي نعرفه. اليس هذا المطلوب منا فعله؟ نخشى الرحمن بالغيب ونؤمن بمالاتدركه العقول والأبصار؟ يأتي الإنسان فيقول نعم أكيد ويجب علينا أنؤمن بما لانراه. فآمنا بالعرش وبالسموات السبع وبوجود الجن، لكن اترك لنا علم الفلك فنحن نعلم كل صغيرة وكبيرة فيه، وفِي الحقيقة هم يقولون مالايفعلون وبذلك هم لايعلمون. هل ذهبت الى ماتسميه الفضاء؟ لا. إذن قل خير أو اصمت والخير في هذة الحاله هو ان تقول ماقاله الله في هذا دون تفسيره بما يتوافق مع الهوى، بل تفسيره بالقرآن وبرد المتشابه للمحكم الذي لايحتاج تفسير. سبحان الله يتحدثون عن علم غير ملموس، ويعتبر من الغيبيات وكانهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة فيه، وعلم حجته الرياضيات وبعض الكذب الفلسفي، اصبح منهج يتبعه البشر، وهذا هو منهج الشيطان في تغيير خلق الله. والحقيقة، لم يتوصل الإنسان الى نصف ماهو موجود على الأرض فلايعلم عنها الا القليل، فكيف له ان يتحدث عن القمر والشمس والكواكب؟ تحدث على نظريات اذا تريد لكن من دون كذب وتدليس. ولاتفرض كذبك على غيرك.  

لكن لنتفكر في كلمة لاتفرض كذبك على غيرك. لماذا فرضها؟ فرضها لأنه لايوجد بديل لها، بل أنت البليد الذي يأخذ كل مايأتيه ويقبل من دون علم ولا هدى ولا كتاب منير، وكذلك من دون علم دنيوي نافع. فإذا ابدع المسلمون مرة اخرى في علوم الدين، لوجدتهم من الأوائل مرة أخرى في علم الفلك، لتغير إعلامنا الفاسد ولوجد الأطفال مكاناً على الإنترنت أو في العاب الفيديو يتناسب مع قيم ديننا الحنيف، لكن أختار الإنسان أن يتبع البشر دون أن ينيب قلبه الى الله. 

فلماذا لا ننيب قلبنا الى الله؟ 

هناك أسباب عديدة تمنعنا من فهم معنى أن تنيب قلبك الى الله. اولها هو عدم إستيعاب سبب وجودنا في هذة الأرض وإن كنت تعلم الإجابة ولكن إستيعابك لها يختلف عن إستيعاب غيرك لها. فدعنا نتفق على شيء، ماخلقنا الله الا لنعبده. هل يوجد خلاف على هذا؟ قال الله:  (وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ)، فعندما تسعى لرزقك، من يرزقك؟ ويتبع الآية قوله تعالى :   ( مَاۤ أُرِیدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقࣲ وَمَاۤ أُرِیدُ أَن یُطۡعِمُونِ (٥٧) إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِینُ (٥٨))  من يجعلك تصنع؟ من ييسر لك أمرك؟ هل هو مجهودك؟ فإذا توكلت على الله فانه يرزقك من حيث لاتحتسب ( وَیَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَیۡثُ لَا یَحۡتَسِبُۚ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَیۡءࣲ قَدۡرࣰا)، وهو اللذي يهديك في كل شي ( إِنَّ عَلَیۡنَا لَلۡهُدَىٰ)، ويجعل لك نور تمشي عليه (أَوَمَن كَانَ مَیۡتاً فَأَحۡیَیۡنَـٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورࣰا یَمۡشِی بِهِۦ فِی ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ لَیۡسَ بِخَارِجࣲ مِّنۡهَاۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ زُیِّنَ لِلۡكَـٰفِرِینَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ)

فهذا الطريق هو الطريق الوحيد اللذي يريك الحق، ولن تقتنع وتفهم الا اذا اتبعته، لن تصف خلق الله بطريقته الصحيحة الا اذا اتبعت هذا الطريق الصحيح. فستعلم من علم القرآن عن خلق الإنسان وخلق السموات والارض وغيرها وهذا هو العلم المفروض علينا الذي هو جزء من عبادتنا. 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ ، حتى الحيتانِ في البحرِ

الراوي:أنس بن مالك المحدث:الألباني المصدر:صحيح الجامع الجزء أو الصفحة:3914 حكم المحدث:صحيح

فالمقصود بالعلم هنا هو العلم النافع وهو علم الدين والشريعة ثم تأتي بعدة بعض العلوم التطبيقية الأخرى. فإذا اتقن الإنسان القرآن الكريم بالطريقة الصحيحة، فانه تلقائياً يسهل عليه تعلم علم الفلك والحساب وبالتاكيد يوجد غير هذا الكثير من ماتتعلمه من القرآن في خارج نطاق أمور الدين، فهو كتاب ضرب الله فيه من كل مثل فلا تحتاج كتاب من بعده. فلذلك يجب أن نعلم وعلى أن نكون على يقين بان من يعلمنا هنا هو الله وليس إنسان  أو حتى مدرسة.  فكيف نتقرب الى الله ونجعله يعلمنا القرآن فيضرب لنا الأمثال في الواقع على كل آية نتدبرها؟ مثال هذا ولنفرض انك تدبرت سورة الطارق. بعد انتهائك خرجت الى السوق لتجد صورة كبيرة مرسومة على الجدار تصف شكل الكوكب ذي الذنب، ثم خرجت من السوق الى سيارتك لتستمع في الإذاعة عن مذنب قد يصل الى الأرض، ثم ترجع بيتك وتشغل اليوتيوب ويظهر لك فيه عشوائيا شكل الكوكب ذي الذنب، ثم يتصل بك احدهم ليخبرك ان تشاهد الأخبار لانهم سيتحدثون عن ظاهرة كونية تختص بهذا المذنب. قال الله ( ٱلرَّحۡمَـٰنُ (١) عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ )، فهذة أيضاً آية يسهل فهمها لكن يصعب استيعابها، فكيف يعلم الرحمن القرآن؟ اترك لك انت أن تتقرب الى الله لتعرف الإجابة. 

اذاً هل سلّمنا  أن الإنسان مسير ومخير في نفس الوقت؟ لانريد الخوض في هذا كثيراً لكن لتعلم ان أمر التسيير يختلف من شخص لآخر وهذا يعتمد على علاقتك مع الله، أما التخيير فان طريق الباطل بين وطريق الحق بين، طريق الخير بين وطريق الشر بين، واذا اختلطت الأمور وعم الفساد، فإن الله يصطفي من عباده ليهدي بهم عامة الناس. 

قال الله:  (  أَفَرَءَیۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ (٦٣) ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّ ٰ⁠رِعُونَ (٦٤) لَوۡ نَشَاۤءُ لَجَعَلۡنَـٰهُ حُطَـٰمࣰا فَظَلۡتُمۡ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ (٦٦) بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ (٦٧) أَفَرَءَیۡتُمُ ٱلۡمَاۤءَ ٱلَّذِی تَشۡرَبُونَ (٦٨) ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ (٦٩) لَوۡ نَشَاۤءُ جَعَلۡنَـٰهُ أُجَاجࣰا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ (٧٠) أَفَرَءَیۡتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِی تُورُونَ (٧١) ءَأَنتُمۡ أَنشَأۡتُمۡ شَجَرَتَهَاۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنشِـُٔونَ (٧٢) نَحۡنُ جَعَلۡنَـٰهَا تَذۡكِرَةࣰ وَمَتَـٰعࣰا لِّلۡمُقۡوِینَ (٧٣) فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِیمِ (٧٤)﴾ [الواقعة: ٦٣-٧٤] 

ماذا تفهم من هنا؟ من يزرع؟ انت أم الله يجعلك تزرع؟ فكل ماهو مطلوب منك هنا هو ان تشكر. لم يطلب منك الله ان تتعلم كيفية انبات الزرع، طلب منك ان تشكر وهو يعلمك كل ماتريد. بعد ان تفهم هذة الحقيقة وبأن الله قادر على كل شيء، كيف لك أن تخاف من غيره وهو يتحكم في كل ماهو موجود على الأرض؟ قال الله :  (أَلَیۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَیُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادࣲ). 

اذاً ماهو اهم مايريدنا الله ان نتفكر فيه بخصوص النبات؟ احياء الارض هي مثل على إحياء الموتى والبعث. يريدك الله ان تخشى هذا اليوم فلذلك تم تشبيه احياء الارض باحياء الموتى في مواضع كثيرة موجودة في القرآن الكريم (یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَیُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّ وَیُحۡیِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ تُخۡرَجُونَ) . ويعتقد الظلوم الجهول ان علمه هو سبب تطور علم التغذية فقام بصناعه الهورمونات واستخدام الهندسة الوراثية لتطوير النبات وهو لايعلم ان الله فطر النبات على احسن حال وسخرها لنا لنأكل من ثمارها ولنتفكر في خلقها في الدرجة الأولى، فقام بإنتاج الثمار في المعامل واستخدام التلقيح الصناعي وذلك بجهله عن سبب وجود النبات في الأرض. ليعلم الإنسان ان مثل إحياء الأرض هو إحياء الموتى سواء في الدنيا، أو في يوم القيامة عندما تخرج الأرض أثقالها، فان كنت لاترى كيفية إحياء الموتى فانظر كيف يحي الله الأرض. 

اذاً لماذا لانتقن عملنا؟ لأننا لا نتوكل على الله حق التوكل، وإن علمنا ماهو التوكل لكن استيعابنا لمعنى التوكل قد يختلف من شخص لآخر. إذاً كيف نتقن عملنا؟ الجواب بسيط، نقول ما نفعل ونفعل مانقول. هذة أول خطوة. الخطوة الثانية، ماذا نقول؟ نقول مايقوله الله في كتابه ونعمل به، وكذلك اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم والعمل به. من دون إضافات ولا مستحدثات. العلم فريضة عليك فلم يطلب منك الله ان تتبع عالم بل طلب منك ان تتدبر القرآن. هذا مفروض على كل مسلم ومسلمة واذا مكننا الله، لجعلنا اول مراحل تدريس الأطفال تختص بتعليم علوم الدين مع القليل من الحساب واللغويات. على الأقل الى المرحلة المتوسطة وبهذا يكون لدينا الكثير من العلماء وحفظة كتاب الله. 

فكيف نتوكل على الله إذا؟ 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه

الراوي:عمر بن الخطاب المحدث:البخاري المصدر:صحيح البخاري الجزء أو الصفحة:1 حكم المحدث:[صحيح]

ومعنى هذا أن القلب السليم هو الأساس في العبادة الصحيحة، فكيف يكون قلبنا مؤمناً متوكل على الله حق توكله؟ هذا باب كبير جداً لكن سنتحدث هنا عن مفتاح واحد فقط لهذا ولعله يكون الطريق الصحيح. أولاً اترك بما يسمى بعقيدة فهي تعقد قلبك وتصعب عليك أمورك. ثانياً ولتسهيل الأمور لك، إبحث عن كلمة منيب، أنيب، أو منيب في القرآن لتفتح لك باب جديد من عمل القلب والروح. قبل كل هذا أعلم ان كلمة منيب تعني أنك تُرجع كل شيء تفعله الى الله. مثلاً أردت أن تخرج من المنزل، في قلبك تقول يارب اذا كان هذا الخروج شراً لي فلاتجعلني أخرج. هذا مثل عن كيفية التقرب الى الله في الحياة اليومية.

أما كلمة ينيب أو منيب، فقال الله: (إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّ ٰ⁠هࣱ مُّنِیب)

والأوّاهُ أصْلُهُ الَّذِي يُكْثِرُ التَّأوُّهَ، وهو قَوْلُ: أوِّهِ. وأوِّهِ: اسْمُ فِعْلٍ نائِبٍ مَنابَ أتَوَجَّعُ، وهو هُنا كِنايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اهْتِمامِهِ بِهُمُومِ النّاسِ.
والمُنِيبُ مَن أنابَ إذا رَجَعَ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ النَّوْبِ وهو النُّزُولُ. والمُرادُ التَّوْبَةُ مِنَ التَّقْصِيرِ، أيْ مُحاسِبٌ نَفْسَهُ عَلى ما يَحْذَرُ مِنهُ.
وحَقِيقَةُ الإنابَةِ: الرُّجُوعُ إلى الشَّيْءِ بَعْدَ مُفارَقَتِهِ وتَرْكِهِ. (التعريف منقول من إبن عاشور)

فنعلم هنا قصة سيدنا إبراهيم مع الفطرة التي فطر الناس عليها، فحتى من قبل ان يوحي له ربه، كان صاحب هذا القلب السليم. فلهذا نحن نتبع ملة ابراهيم حنيفاً وكان من المسلمين. فنعلم أن القلب المنيب هو القلب الذي يرجع الى الله كلما نسيه، القلب الذي يخشى الرحمن وعند فعل السيئة، يخجل ويتوب ، القلب الذي يشكر ويهتم بالآخرين. وكذلك القلب الذي يراجع نفسه فلا تنسى أن الله أقسم بالنفس اللوامه

قال الله:   ( أَفَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَىٰ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَیۡهِمۡ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـآية لِّكُلِّ عَبۡد مُّنِیب)، فالقلب المنيب يعلم ان الى الله الرجعى وان العذاب والعقاب من الله عز وجل سواء كان في الدنيا أو الآخرة. 

قال الله:   ( ۞ وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ ضُرّ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِیبًا إِلَیۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةً مِّنۡهُ نَسِیَ مَا كَانَ یَدۡعُوۤا۟ إِلَیۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادࣰا لِّیُضِلَّ عَن سَبِیلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِیلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِ)، فالقلب المنيب يدعي الى الله في السراء والضراء وفِي كل وقت، فكأنك ترى الطريقة التي تجعل قلبك منيب وإن كان إستيعابك لهذا يختلف عن إستيعاب غيرك لها. 

قال الله في سورة ق : (تَبۡصِرَةࣰ وَذِكۡرَىٰ لِكُلِّ عَبۡد مُّنِیب) وكذلك قال الله:    ( مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡب مُّنِیبٍ)، فسورة ق هي من اكثر السور التي تذكر لنا من هو هذا العبد المنيب. كيف يكون قلبك منيب هنا؟ تؤمن وتتفكر في موضوع البعث، وتعلم أن كل نفس ذائقة الموت وهذا في أجل مسمى عند الله، وتعلم انه لن ينفعك الفرار من الموت بل الطريقة الوحيدة هي مواجهته، وكذلك ان كنت تزعم انك ولي من أولياء الله فتمنى الموت إن كنت صادقاً وبهذا يصبح قلبك منيب بإذن الواحد الأحد. 

قال الله: (هُوَ ٱلَّذِی یُرِیكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ وَیُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ رِزۡقࣰاۚ وَمَا یَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن یُنِیبُ)، فهل تشكر عندما يرزقك الله؟ ولاحظ أن إستيعابك لهذا يختلف عن غيرك، فكون أن الماء يصل إليك باستمرار وأصبح وجودة سهل، فقليل من يشكر لهذا، فلايشكر الإنسان  مثلاً الا اذا رزقه الله ببيت جديد وهنا ينسى كل الأمور الصغيرة التي أصبحت في نظره صغيرة ولكنها كبيرة في الحقيقة وعند الله. 

قال الله:   ( ۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ)، هل يعقل أن العبد المنيب هو نفسه من ينطبق عليه قول الله (ولاتتفرقوا فيه)؟

فاختصار هذا مايريدنا الله فعله هو أن نؤمن ونكون من المحسنين وننيب قلبنا اليه. 

6 comments

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s