بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين،، وبعد،، أن خيرَ الكلامِ كلامُ اللهِ وخيرَ الهديِّ هديُ محمدٍ وشرَ الأمورِ محدثاتُها وكلَ بدعةٍ ضلالةٌ
قال الله تعالى: (۞ أَلَمۡ یَأۡنِ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا یَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِیر مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ) صدق الله العظيم
يضرب الله لنا الأمثال وأمثال من سبقونا ماهي موجودة الا لنتعلم منها ونأخذ العبرة لأننا قد نقع في مثل ما وقعوا فيه من فتن وفساد ومحن، وكذلك هو رحمة للذين آمنوا وفيه إنذار ووعيد لمن كفر وأشرك، فالقرآن للناس كافة وأرسل الله رسوله بالدين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركين
فيقول الله: (ألَمْ يَأْنِ﴾ يَحِنْ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ نَزَلَتْ فِي شَأْن الصَّحابَة لَمّا أكْثَرُوا المِزاح ﴿أنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه وما نَزَّلَ﴾ بِالتَّشْدِيدِ والتَّخْفِيف ﴿مِن الحَقّ﴾ القُرْآن ﴿ولا يَكُونُوا﴾ مَعْطُوف عَلى تَخْشَع ﴿كالَّذِينَ أُوتُوا الكِتاب مِن قَبْل﴾ هُمْ اليَهُود والنَّصارى ﴿فَطالَ عَلَيْهِمْ الأَمَد﴾ الزَّمَن بَيْنهمْ وبَيْن أنْبِيائِهِمْ ﴿فَقَسَتْ قُلُوبهمْ﴾ لَمْ تَلِنْ لِذِكْرِ اللَّه
فإذا كان المقصود هنا الصحابة، فما بالك فيما قد ينطبق على زماننا؟ نستطيع القول أن الكثير مما ذكره الله عن أهل الكتاب في القرآن الكريم، أصبح وكأنه ينطبق على أمة محمد، فمنهم من أحل ماحرم الله أو حرم ما أحل الله، ومنهم من بدل كلام الله بأسماء لا أصل لها، ومنهم من قدس العلماء وهجر كتاب الله وإن لم يكن على نفس المستوى الذي وصل اليه اليهود والنصارى. ولنلاحظ أن جوهر هذا الحديث هو إطاله الفترة بين الرسول وقومه وأن الخطاب في الآية الكريمة موجه للمسلمين ويحثنا الله أن ننظر في قلوب أهل الكتاب القاسية بعد طول الأمد بينهم وبين أنبيائهم
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺘﻜﻲ، ﻭﻗﺘﻴﺒﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ – ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻘﺘﻴﺒﺔ – ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﻤﺎﺩ، ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﺳﻤﺎء، ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﺇﻥ §اﻟﻠﻪ ﺯﻭﻯ ﻟﻲ اﻷﺭﺽ، ﻓﺮﺃﻳﺖ ﻣﺸﺎﺭﻗﻬﺎ ﻭﻣﻐﺎﺭﺑﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﺃﻣﺘﻲ ﺳﻴﺒﻠﻎ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﻭﻱ ﻟﻲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻴﺖ اﻟﻜﻨﺰﻳﻦ اﻷﺣﻤﺮ ﻭاﻷﺑﻴﺾ، ﻭﺇﻧﻲ ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺑﻲ ﻷﻣﺘﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻬﻠﻜﻬﺎ ﺑﺴﻨﺔ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻓﻴﺴﺘﺒﻴﺢ ﺑﻴﻀﺘﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺭﺑﻲ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻧﻲ ﺇﺫا ﻗﻀﻴﺖ ﻗﻀﺎء ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺩ، ﻭﺇﻧﻲ ﺃﻋﻄﻴﺘﻚ ﻷﻣﺘﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﺴﻨﺔ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﺃﺳﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻳﺴﺘﺒﻴﺢ ﺑﻴﻀﺘﻬﻢ، ﻭﻟﻮ اﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺄﻗﻄﺎﺭﻫﺎ – ﺃﻭ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻄﺎﺭﻫﺎ – ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻬﻠﻚ ﺑﻌﻀﺎ، ﻭﻳﺴﺒﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ” رواه مسلم
ﺯﻭﻯ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺟﻤﻊ (اﻟﻜﻨﺰﻳﻦ اﻷﺣﻤﺮ ﻭاﻷﺑﻴﺾ) اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻜﻨﺰﻳﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻭاﻟﻔﻀﺔ ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﻛﻨﺰا ﻛﺴﺮﻯ ﻭﻗﻴﺼﺮ ﻣﻠﻜﻲ اﻟﻌﺮاﻕ ﻭاﻟﺸﺎﻡ (ﻓﻴﺴﺘﺒﻴﺢ ﺑﻴﻀﺘﻬﻢ) ﺃﻱ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﻢ ﻭﺃﺻﻠﻬﻢ ﻭاﻟﺒﻴﻀﺔ ﺃﻳﻀﺎ اﻟﻌﺰ ﻭاﻟﻤﻠﻚ (ﺃﻥ ﻻ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﺴﻨﺔ ﻋﺎﻣﺔ) ﺃﻱ ﻻ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﻘﺤﻂ ﻳﻌﻤﻬﻢ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﻗﺤﻂ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻳﺴﻴﺮﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺑﻼﺩ اﻹﺳﻼﻡ
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ : حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ – يَعْنِي الْفَقِيرَ – لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُوا : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ “. رواه البخاري
فلننظر الى مايفعله العرب في هذا الزمان. فكل ماقاله المصطفى صلوات الله عليه في الأحاديث السابقة، نراه يحصل بوضوح يكاد أن يكون وضوحه أقوى من شدة وضوح نور الشمس. فهل نحن بعيدون عن ماحصل لأصحاب السبت؟
الا من رحم الله، فيسكت عن الباطل الكثير من أهل الدين ويحلله بعضهم ويدافع عن كل هذا أهل الضلاله. فقال الله: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَشۡتَرِی لَهۡوَ ٱلۡحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡم وَیَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِین)، فهل يوجد بيان وحجة أقوى من كلام الله ورسوله؟ وهل يستطيع أحد العرب إثبات عدم خوضهم في جميع أنواع اللهو؟ وإن كنت أنت وأهلك لاتفعلون هذا، ولا ينطبق عليكم، فأنت لاتمثل العامة، وإن كان جيلك مازال على خير، فالجيل الناشئ في خطر، والأثر الصهيوني واضح على العرب، والإنفتاح في أشد أوجهه، ومناهج التعليم قد تفقد مصداقيتها
فإذا تكلمنا عن المسيحي وعن اليهودي والماسوني والبوهيمي والصهيوني، لن ننسى عدوك الأكبر. عدوك الأكبر هو أنت، ونحن على حافة المركب، فغير نفسك قبل أن يستبدل غيرك، ويشهد الله أننا نقول لك غير نفسك قبل فوات الأوان. ونستثني من رحم الله، فنقول ما أقبح من اليهود الا العرب. قبح الله من باع دينه وقيمه ووطنه اجل متاع الحياة الدنيا، وخضع لمن يخطط لهدمه خوفاً من السقوط. قال الله: ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ) . وكذلك نستثني رجال الرجال من أهل الشام، فإن الله يربي رجال وجنود في سوريا لأمر عظيم وفِي أدنى الأرض يتجدد العهد بإذنه
فإحذر أن يستبدل الله غيرك، وإن آمنك الله من الأعداء، إحذر أن تكون أنت عدو نفسك فتدمر نفسك بنفسك كما ذكر هذا المصطفى في الأحاديث المذكورة. هذا الزمن هو الزمن الذي يحاكي زمن الجاهلية الأولى فلهذا إلزم بيتك، وقل الخير وتواصى بالحق والصبر واذا لم تفعل فأنت في خسر
قال الله: ( مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَیۡتاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُیُوتِ لَبَیۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ) صدق الله العظيم
يقول إبن القيم في من إتخذ الأولياء من دون الله أنَّهم ضُعَفاءُ، وأنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوهم أوْلِياءَهم أضْعَفُ مِنهُمْ، فَهم في ضَعْفِهِمْ وما قَصَدُوهُ مِن اتِّخاذِ الأوْلِياءِ كالعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا، وهو أوْهَنُ البُيُوتِ وأضْعَفُها؛ وتَحْتَ هَذا المَثَلِ أنَّ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ أضْعَفُ ما كانُوا حِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أوْلِياءَ فَلَمْ يَسْتَفِيدُوا بِمَن اتَّخَذُوهم أوْلِياءَ إلّا ضَعْفًا
فلننظر الى بيت العنكبوت، فالأم تؤسس هذا البيت الهندسي الرقيق الذي يُهدم من أضعف الأمور. فلماذا لانخاف من أن تكون بيوتنا مثل هذة البيوت؟ هل لأننا فهمنا أن الأولياء من دون الله هم فقط الأصنام؟ أم هل هي آيه محصورة على من أشرك؟ لماذا لا نذكر من جعل بينه وبين الله وسيط؟ وهذا موجود في بعض الطوائف اللتي حُسبت على المسلمين. لماذا لايكون هذا الولي هو شخص اتبعه المسلمون بسبب قوة، مال أو علم، يعمل بالفساد ويرضى الجميع عن كل أفعاله وكأنهم صم بكم لايسمعون ولايتكلمون؟ فلنعلم أن بيت العنكبوت يتم هدمه بعده طرق. فإما أن يكون الهدم عن طريق الرياح أو أي عوامل طبيعية ومثل هذا الريح الصرصر العاتيه التي سلطها الله على قوم عاد (وَأَمَّا عَادࣱ فَأُهۡلِكُوا۟ بِرِیح صَرۡصَرٍ عَاتِیَة)، وكذلك قد يتم هدم بيت العنكبوت من أبناء العنكبوت فهم يأكلون بعضهم البعض. فلننظر لهذا المثل فلن يهدم العرب الا العرب. وهذا مثل مايفعله اليهود في أنفسهم فهم يهدمون بيتهم بأنفسهم ونضيف لهذا تسليط الله عباده الصالحين على القوم الظالمون (هُوَ ٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِیَـٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن یَخۡرُجُوا۟ۖ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَیۡثُ لَمۡ یَحۡتَسِبُوا۟ۖ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ یُخۡرِبُونَ بُیُوتَهُم بِأَیۡدِیهِمۡ وَأَیۡدِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فَٱعۡتَبِرُوا۟ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ). فلماذا يجب علينا أن نرى بيوت اليهود على أنها بيت من بيوت العنكبوت؟ ليس فقط لأنهم يحملون كتبهم كالأسفار فلايعملون بما أمرهم الله ويؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، بل لأنهم مثل حي لنا عبر الزمان. فلنتفكر في عاقبة من رفعوا من شأن رهبانهم وجعلوهم أرباباً من دون الله فماذا يعني لك كل هذا؟ قال الله: (ٱتَّخَذُوۤا۟ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَـٰنَهُمۡ أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِیحَ ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَمَاۤ أُمِرُوۤا۟ إِلَّا لِیَعۡبُدُوۤا۟ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰاۖ لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ عَمَّا یُشۡرِكُونَ) صدق الله العظيم
فنعلم أن الله وعد بني إسرائيل في آخر الزمان أن الأرض لن تكون لهم وأن كل مايفعلونه سيرد لهم. قال الله في سورة الإسراء : (فَأرادَ أنْ يَسْتَفِزَّهم مِنَ الأرْضِ فَأغْرَقْناهُ ومَن مَعَهُ جَمِيعًا﴾ ﴿وقُلْنا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إسْرائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإذا جاءَ وعْدُ الآخِرَةِ جِئْنا بِكم لَفِيفًا﴾ صدق الله العظيم
وكما فسرها إبن عاشور:
أُكْمِلَتْ قِصَّةُ المَثَلِ بِما فِيهِ تَعْرِيضٌ بِتَمْثِيلِ الحالَيْنِ إنْذارًا لِلْمُشْرِكِينَ بِأنَّ عاقِبَةَ مَكْرِهِمْ وكَيْدِهِمْ ومُحاوَلاتِهِمْ صائِرَةٌ إلى ما صارَ إلَيْهِ مَكْرُ فِرْعَوْنَ وكَيْدُهُ، فَفَرَّعَ عَلى تَمْثِيلِ حالَيِ الرِّسالَتَيْنِ وحالَيِ المُرْسَلِ إلَيْهِما ذِكْرَ عاقِبَةِ الحالِ المُمَثَّلِ بِها إنْذارًا لِلْمُمَثَّلِينَ بِذَلِكَ المَصِيرِ.
فَقَدْ أضْمَرَ المُشْرِكُونَ إخْراجَ النَّبِيءِ ﷺ والمُسْلِمِينَ مِن مَكَّةَ، فَمُثِّلَتْ إرادَتُهم بِإرادَةِ فِرْعَوْنَ إخْراجَ مُوسى وبَنِي إسْرائِيلَ مِن مِصْرَ، قالَ تَعالى ﴿وإنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنها وإذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إلّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٦] صدق الله العظيم
والِاسْتِفْزازُ: الِاسْتِخْفافُ، وهو كِنايَةٌ عَنِ الإبْعادِ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ﴾ [الإسراء: ٧٦] في هَذِهِ السُّورَةِ
والمُرادُ (بِمَن مَعَهُ) جُنْدُهُ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ يَتَّبِعُونَ بَنِي إسْرائِيلَ
والأرْضُ الأُولى هي المَعْهُودَةُ، وهي أرْضُ مِصْرَ، والأرْضُ الثّانِيَةُ أرْضُ الشّامِ، وهي المَعْهُودَةُ لِبَنِي إسْرائِيلَ بِوَعْدِ اللَّهِ إبْراهِيمَ إيّاها
واللَّفِيفُ: الجَماعاتُ المُخْتَلِطُونَ مِن أصْنافٍ شَتّى، والمَعْنى: حَكَمْنا بَيْنَهم في الدُّنْيا بِغَرَقِ الكَفَرَةِ، وتَمْلِيكِ المُؤْمِنِينَ، وسَنَحْكُمُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ.
ومَعْنى ﴿جِئْنا بِكُمْ﴾ أحْضَرْناكم لَدَيْنا، والتَّقْدِيرُ: جِئْنا بِكم إلَيْنا
فما نصيبك من كل هذا؟ هذة البشرى مانصيبك منها؟ آية واحدة إذا عملت بها فإن لك نصيب من كل هذا وإن مت قبل أن يحصل أي منه. قال الله: (لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَال) صدق الله العظيم
فما كانت محصلة كل أعمال بني إسرائيل؟
قال الله: (لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ (٧٨) كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَر فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ (٧٩) تَرَىٰ كَثِیرا مِّنۡهُمۡ یَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَفِی ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَـٰلِدُونَ (٨٠) وَلَوۡ كَانُوا۟ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِیِّ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ (٨١)﴾ [المائدة: ٧٨-٨١] صدق الله العظيم
وقال الله: (وَمَا جَعَلۡنَاۤ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَـٰۤىِٕكَة وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَة لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِیَسۡتَیۡقِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَیَزۡدَادَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِیمَـٰنا وَلَا یَرۡتَابَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِیَقُولَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَمَا یَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِیَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ) صدق الله العظيم
فبعد كل هذا، ألا نشكر الله على أنه جعل هذة الأمة الإسلامية خير أمة أُخرجت للناس؟ أمة حديثه يعود تاريخها الى ١٤٠٠ سنة وبهذا الطول في الزمن بين ظهور رسولنا وبين مانعيشه الآن، حمانا الله ووقانا وحفظ بلدنا وأمننا وديننا، فهل ننكر كل هذا ونضرب كل هذة النعم بالحيط؟
فلننظر لعاقبة من ضل، فأحذر وكن من حزب الله وأدعوا الله أن يبعدكم عن حزب الشيطان فهم حولنا في كل مكان.