البلد الأمين

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

نختص في هذا المقال بالحديث عن البلد الأمين ودعاء سيدنا إبراهيم

إن سيدنا إبراهيم اﻟﺨﻠﻴﻞ هو المثل الذي يضرب به فطرة الناس التي فطر الناس عليها، فقبل الرسالة، لم يكن يعبد الأصنام وكان نقياً طاهراً حتى من قبل أن يوحى إليه، وكانت دعواته هي الدعوات الباقية الى يوم الدين، فقد سأل ربه أن يجعل له لسان صدق حتى في أهل الآخرين ( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ ) ، وكان أواه حليم ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ )، ذو قلب سليم ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )، ينيب الى الله ويخاف على قومه فيدعي الله بإن يبعث رسولاً من بعده ليعلمهم الكتاب والحكمة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )، دعى سيدنا إبراهيم الله فأستجاب وبعث لنا الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم ينزل القرآن لينذر أم القرى مره أخرى بعد أن تطاول عليهم الزمن ورجعت الأصنام (وَكَذَ ٰ⁠لِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِیاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ یَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ فَرِیق فِی ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِیق فِی ٱلسَّعِیرِ)، فيوجد من أهل أم القرى من هم أهل النار،  ودعى سيدنا إبراهيم الله بأن يجعل أم القرى آمنة فقال ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ )، فأستجاب له الله وذلك بين في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا)، وَكذلك قال تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّة مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) صدق الله العظيم

فالسؤال الذي نريد توضيح إجابته، إذا كان هذا البلد في أمان فهل أنت أيضاً في أمان؟ ونتحدث عن أمان من الفتنة وعذاب الله والتي يقتضي بموجبها الأمور الأخرى

قال الله ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) صدق الله العظيم

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَة ” اِلْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانكُمْ يَخْدُمنِي” فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَة يُرْدِفنِي وَرَاءَهُ فَكُنْت أَخْدُم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ وَقَالَ فِي الْحَدِيث ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُد قَالَ ” هَذَا جَبَل يُحِبّنَا وَنُحِبّهُ ” فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَة قَالَ ” اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّم مَا بَيْن جَبَلَيْهَا مِثْل مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيم مَكَّة اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدّهمْ وَصَاعهمْ” وَفِي لَفْظ لَهُمَا ” بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالهمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعهمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي مُدّهمْ

وَعَنْ أَبِي سَعِيد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ” اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّة فَجَعَلَهَا حَرَامًا وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَة حَرَامًا مَا بَيْن مَأْزِمَيْهَا أَنْ لَا يُراق فِيهَا دَم وَلَا يُحْمَل فِيهَا سِلَاح لِقِتَالٍ وَلَا تُخْبَط فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلَفٍ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدّنَا اللَّهُمَّ اِجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَة بَرَكَتَيْنِ” رواه مسلم

جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ سَوَّلَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم فَتْح مَكَّة ” إِنَّ هَذَا الْبَلَد حَرَّمَهُ اللَّه يَوْم خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهُوَ حَرَام بِحُرْمَةِ اللَّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلّ الْقِتَال فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ يَحِلّ لِي إِلَّا سَاعَة مِنْ نَهَار فَهُوَ حَرَام بِحُرْمَةِ اللَّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يُعْضَد شَوْكُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ” فَقَالَ الْعَبَّاس : يَا رَسُول اللَّه إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ فَقَالَ” إِلَّا الْإِذْخِرَ ” وَهَذَا لَفْظ مُسْلِم وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة نَحْو مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيّ بَعْد ذَلِكَ : وَقَالَ أَبَان بْن صَالِح عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَة : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله وَهَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيّ رَوَاهُ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر عَنْ يُونُس بْن بُكَيْر عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ أَبَان بْن صَالِح عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم بْن يَنَّاق عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَة : قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب عَام الْفَتْح فَقَالَ ” يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّه حَرَّمَ مَكَّة يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ حَرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يُعْضَد شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّر صَيْدهَا وَلَا يَأْخُذ لُقَطَتهَا إِلَّا مُنْشِدٌ ” فَقَالَ الْعَبَّاس : إِلَّا الْإِذْخِر فَإِنَّهُ لِلْبُيُوتِ وَالْقُبُور فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” إِلَّا الْإِذْخِر ” وَعَنْ أَبِي شُرَيْح الْعَدَوِيّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْن سَعِيد وَهُوَ يَبْعَث الْبُعُوث إِلَى مَكَّة اِئْذَنْ لِي أَيّهَا الْأَمِير أَنْ أُحَدِّثك قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَد مِنْ يَوْم الْفَتْح سَمِعْته أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرْته عَيْنَايَ حِين تَكَلَّمَ بِهِ – إِنَّهُ حَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ” إِنَّ مَكَّة حَرَّمَهَا اللَّه وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس فَلَا يَحِلّ لِامْرِئٍ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر أَنْ يَسْفِك بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضُد بِهَا شَجَرَة فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا إِنَّ اللَّه أَذِنَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْذَن لَكُمْ . وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَة مِنْ نَهَار وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتهَا الْيَوْم كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ” فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْح مَا قَالَ لَك عَمْرو ؟ قَالَ أَنَا أَعْلَم بِذَلِكَ مِنْك يَا أَبَا شُرَيْح إِنَّ الْحَرَم لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَهَذَا لَفْظه

فالآن يتضح لنا قوانين الأمان التي وضعها الله لهذا البلد الأمين، وحديث الرسول يؤكد على ماحُرِّم فيها وحتى الأشجار فقال لنا كيف نتعامل معها عند بيت الله، ولكن لنتمعن قليلاً قوله تعالى ( وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )، أي أستجاب الله لسيدنا إبراهيم وقال له أنه من يكفر هناك، سنمتعه الى يوم القيامة ( أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ)، فهذا كما ذكرنا سابقاً من أشد العواقب وهي أن يعطيك الله الى أن تموت ثم يحاسبك في القبر ويوم الحساب. ولكن ماذا إن لم يكفر الإنسان بل سارع في إرتكاب الذنوب والمعاصي؟ هل يستطيع القول بأنه في أمان لأنه في البلد الأمين؟ قال الله ( ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِی ٱلنَّاسِ لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِی عَمِلُوا۟ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ)، فاذا ظهرت المفسده فالله ( لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِی عَمِلُوا۟ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ)، وحتى إن كانوا في أي مكان. قال الله ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا )، ولكن مايدريك اذا يجعلك الله تدخله أم لا؟ الله قادر أن يضع سد بين من يعصي أمره وبين بيته. ولننظر في حادثة تكاثر الجراد والصراصير حول الحرم، كم من الناس أمتنعوا عن زيارة المسجد الحرام الى أن تذهب كل هذه الحشرات؟

فنعم هذا البلد آمن وشهد التاريخ وجود بعض المخالفات التي لم تأخذ بماقاله المصطفى عن حرمة بيت الله ومكة سواء كانت من قتال وغيرها، بل تم تجاهل قول الله ورسوله في هذا. ولعل هذا كان في مراحل إستبدال قوم بقوم آخر، أو تطهير للناس من الفتن، أو تعذيب من أراد بنشر الظلم فيه. وكذلك لا ننسى الإبتلاء. فإذا نظرنا الى هذا من زاوية أخرى، فهذا جزء من الأمان الذي وضعه الله لهذا البيت فكل هذا ماهو الا تطهير، فالبيت آمن والله يطهر الناس أو يستبدل غيرهم. جزء من دعاء سيدنا أبراهيم يقتضي إبعاد الناس عن الضلاله وإن كانت الأصنام هي سبب الضلالة في زمنه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ )، فتوجد أسباب هذا الزمن للضلالة أيضاً وتبقى الضلالة ضلالة ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) صدق الله العظيم

قال الله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) صدق الله العظيم

وفي قوله ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ)، أَيْ: يَهُمّ فِيهِ بِأَمْرٍ فَظِيعٍ مِنَ الْمَعَاصِي الْكِبَارِ

ولنا المثل في حفظ الله لهذا البلد في أبرهه الحبشي عندما قصد هدم الكعبة فأنزل الله ( أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَـٰبِ ٱلۡفِیلِ (١) أَلَمۡ یَجۡعَلۡ كَیۡدَهُمۡ فِی تَضۡلِیلࣲ (٢) وَأَرۡسَلَ عَلَیۡهِمۡ طَیۡرًا أَبَابِیلَ (٣) تَرۡمِیهِم بِحِجَارَةࣲ مِّن سِجِّیل (٤) فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفࣲ مَّأۡكُولِۭ (٥)﴾ [الفيل ١-٥]  صدق الله العظيم

هَذِهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَى قُرَيْشٍ، فِيمَا صَرَفَ عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفِيلِ، الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى هَدْمِ الْكَعْبَةِ وَمَحْوِ أَثَرِهَا مِنَ الْوُجُودِ، فَأَبَادَهُمُ اللَّهُ، وَأَرْغَمَ آنَافَهُمْ، وَخَيَّبَ سَعْيَهُمْ، وَأَضَلَّ عَمَلَهُمْ، وَرَدهم بِشَرِّ خَيْبَةٍ. وَكَانُوا قَوْمًا نَصَارَى، وَكَانَ دِينُهُمْ إِذْ ذَاكَ أَقْرَبَ حَالًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ. وَلَكِنْ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِرْهَاصِ وَالتَّوْطِئَةِ لِمَبْعَثِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وُلِدَ عَلَى أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ، وَلِسَانُ حَالِ الْقَدَرِ يَقُولُ: لَمْ نَنْصُرْكُمْ -يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ-عَلَى الْحَبَشَةِ لِخَيْرِيَّتِكُمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ صِيَانَةً لِلْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي سَنُشَرِّفُهُ وَنُعَظِّمُهُ وَنُوَقِّرُهُ بِبَعْثَةِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ

ولنا أن نذكر بعض قصص التاريخ اللتي تذكر حوادث تختص بالقتال أو الخلاف في مكة وأولها قتل الحجاج لعبد الله إبن الزبير في بطن مكة

ﻗﺎﻝ اﻟﻮاﻗﺪﻱ، ﻭﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺴﻴﻦ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﻮﻟﻰ ﺃﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ: ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻗﺘﻞ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﻴﻮﻡ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻣﻪ: ﺧﺬﻟﻮﻩ ﻭﺃﺣﺒﻮا اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭا ﻟﺪﻳﻨﻬﻢ ﻭﻻ ﻷﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﻭﺗﺪﻋﻮ ﻭﺗﻘﻮﻝ: ” §اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻈﻤﺎ ﻟﺤﺮﻣﺘﻚ، ﻛﺮﻳﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥ ﺗﻌﺼﻰ، ﻭﻗﺪ ﺟﺎﻫﺪ ﻓﻴﻚ ﺃﻋﺪاءﻙ، ﻭﺑﺬﻝ ﻣﻬﺠﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺮﺟﺎء ﺛﻮاﺑﻚ، اﻟﻠﻬﻢ ﻓﻼ ﺗﺨﻴﺒﻪ، اﻟﻠﻬﻢ اﺭﺣﻢ ﻃﻮﻝ ﺫﻟﻚ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺤﻴﺐ، ﻭﻃﻮﻝ ﺫﻟﻚ اﻟﻈﻤﺄ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاﺟﺮ، اﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺗﺰﻛﻴﺔ ﻟﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻪ اﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻢ، ﻭﺃﻧﺖ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻪ، اﻟﻠﻬﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺮا ﺑﺎﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ” ﻗﺎﻝ: ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻳﻮﻡ اﻟﺜﻼﺛﺎء ﺟﺎء ﺃﻣﻪ ﻓﻮﺩﻋﻬﺎ، ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻫﺎ، ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﻪ ﺭﻣﻴﺔ ﻓﻮﻗﻊ، ﻓﺘﻐﺎﻭﺭﻭا ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺘﻠﻮﻩ

1674

ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﺤﻴﺎﺓ، ﻋﻦ ﺃﻣﻪ، ﻗﺎﻟﺖ: ” ﻟﻤﺎ ﻗﺘﻞ اﻟﺤﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﺩﺧﻞ اﻟﺤﺠﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﻣﻪ، ﺇﻥ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻭﺻﺎﻧﻲ ﺑﻚ، ﻓﻬﻞ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻣﺎ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ، ﻭﻟﺴﺖ ﺑﺄﻡ ﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺃﻡ اﻟﻤﺼﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ اﻟﺜﻨﻴﺔ، ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﺃﺣﺪﺛﻚ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ” §ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﺛﻘﻴﻒ ﻛﺬاﺏ ﻭﻣﺒﻴﺮ ” ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻜﺬاﺏ ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ، ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻤﺒﻴﺮ ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﺤﺠﺎﺝ: ﻣﺒﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ

ﻗﺎﻝ اﻟﻮاﻗﺪﻱ: ﻭﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ، ﻋﻦ ﻋﻤﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻗﺎﻝ: ” §ﻛﻨﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻠﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻘﺎﻡ ﻭﺣﺠﺎﺭﺓ اﻟﻤﻨﺠﻨﻴﻖ ﺗﻬﻮﻱ ﻣﻠﻤﻠﻤﺔ ﻣﻠﺴﺎء ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺧﺮﻃﺖ، ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲء، ﻓﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻮﻟﻰ ﻟﻪ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻳﺴﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻗﺪﻡ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺭاﻓﻊ ﺑﻦ ﺧﺪﻳﺞ ﻭﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ اﻷﻛﻮﻉ ﻭﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺁﻧﻔﺎ، ﻓﻜﻠﻤﻮا اﻟﺤﺠﺎﺝ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﻨﻊ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻤﻨﺠﻨﻴﻖ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻃﺎﺭﻕ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻔﻮا، ﻓﻜﻔﻮا ﺣﺘﻰ ﺻﺪﺭ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﻑ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻤﻨﺠﻨﻴﻖ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻃﺎﺭﻕ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ اﻟﺤﺠﺎﺝ: ﺇﻧﻲ ﻟﻜﺎﺭﻩ ﻟﻤﺎ ﺗﺮﻭﻥ، ﻭﻟﻜﻦ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻟﺠﺄ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ، ﻭاﻟﺒﻴﺖ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺧﺎﻟﻊ ﻃﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﻋﺎﺻﻴﺎ، ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻪ اﺗﻘﻰ اﻟﻠﻪ -[373]- ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺧﺮﺝ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﺄﺻﺤﺮ ﻟﻨﺎ، ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻈﻔﺮ ﺑﻪ، ﻓﻴﺴﺘﺮﻳﺢ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺼﺮ ﻗﺎﻝ: ﻓﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻡ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻗﺪ ﻛﻔﻮا ﺭﻣﻲ اﻟﻤﻨﺠﻨﻴﻖ، ﻓﻤﺮﻭا ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﻳﺼﻠﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻓﺘﺮﻛﻮﻩ ﺣﺘﻰ ﻃﺎﻓﻮا ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﺼﻔﺎ ﻭاﻟﻤﺮﻭﺓ، ﺛﻢ ﻋﺎﺩﻭا ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺬﻛﺮﻭا ﻟﻪ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ اﻟﺤﺠﺎﺝ، ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺬا ﻛﺎﺭﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﺮﻡ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ , ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﺣﺠﺎﺭﺗﻪ ﺇﻻ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺎﻝ: ﻓﻨﻈﺮ اﻟﻘﻮﻡ ﺇﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﺘﻮﻫﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ

ولننتقل للعصر العباسي، تعرضت مكة في عهدهم لكثير من الأحداث الدامية بسبب أعمال العنف وحركات التمرد التي كان يقوم بها الأشراف العلويون. ولعل أخطر الأحداث التي شهدتها مكة تلك التي قام بها القرامطة في أثناء عدوانهم عليها سنة 317هـ/929م وعلى قيادتهم أبو طاهر القرمطي حيث قتلوا آلاف الحجاج وطمروا بئر زمزم واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه إلى أن أعيد بأمر من الخليفة العبيدي الفاطمي المنصور بن القائم سنة 330هـ/941م. وعلى العموم كان الحجاز برمته -ومكة جزء منه- موضع نزاع منذ بداية القرن الرابع الهجري بين الفاطميين في مصر والعباسيين في العراق

وفي أثناء تلك النزاعات ظهرت على مسرح الأحداث بعض الأسر الشريفة التي استغلت الصراع ما بين الفاطميين والعباسيين فحكمت الحجاز باسم الدول المتغلبة حتى نهاية الحكم العثماني، وهذه الأسر مطلقًا تدعي نسبتها بعلي رضي الله عنه وكانت مكة مركز إقامتهم الدائمة، وأول من تقلد حكم الحجاز منها الأسرة الموسوية (نسبة إلى موسى الجون ) التي حكمت مكة حتى سنة (358هـ= 968م)، ثم الأسرة السليمانية (نسبة إلى محمد بن سليمان) الذي خلع طاعة العباسيين واستمر أبناؤه وأحفاده على حكم مكة والمدينة حتى عام (454هـ= 1062م)، ثم أسرة الهواشم (نسبة لأبي هاشم محمد بن الحسن) حتى عام (572هـ= 1176م)، ثم أسرة قتادة (نسبة إلى قتادة بن إدريس بن مطاعن من أهل ينبع) الذي استمر أبناؤه وأحفاده على حكمها حتى زوال نفوذ الأشراف عن الحجاز بعد الحرب العالمية الأولى، ليصبح هذا الأقليم بمدنه جزءًا من المملكة العربية السعودية اليوم

ومن هنا لنعلم أن إنهيار أي عصر أو خلافة أو حكم يكون سببه الفساد والفتنة، ولايقضي على أمة الا أبنائها

قال الله ( مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَیۡتا وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُیُوتِ لَبَیۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ)، ومن الأوجه لهذه الآية هو قول أنه لايدمر أمة الا أبنائها كما هو مثبت علمياً أنه لايدمر شبكة العنكبوت الأم الا أطفالها

قال الله (الۤمۤ (١) أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ (٢) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ (٣) أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن یَسۡبِقُونَاۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ (٤)﴾ [العنكبوت ١-٤]صدق الله العظيم 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s