قال الله ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا )، سورة النساء سورة تتميز عن غيرها من السور بأن فيها أحكام كثيرة، فالأحكام ليحكم بها الحكام. وغرضنا ليس تفسير هذه الآية، بل نتحدث عن المعنى الإجمالي للسورة في بعض الجوانب. فذكر الله في السورة ثلاث محاور مهمة ألا وهي النساء والعدل والقتال. بإختصار أعطي الأولوية للجهاد في سبيل الله بالمال والنفس اذا كنت تفكر بالتعدد، واذا كنت تفكر بالعدل بين الناس فمن الأولى أن تعدل بين النساء أولاً لأن هذا أصعب ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )، فاذا إقتربت من العدل بينهم فأعلم أن العدل بين الناس سيكون أمر مقدور عليه فلهذا ذكر عز وجل في نفس السورة قوله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) صدق الله العظيم
ويحثنا شرع الله على المساواة بين اليتامى من النساء وبين باقي النساء، فتعامل هذه كهذه وبنفس المهر، فمتى يفكر الرجل في التعدد؟ اذا كان التعدد لكفل الأيتام فتتزوج هذه لترعى اليتيم الذي تكفله، أو تتزوج هذه لترعى أطفالها اليتامى فهنا أحد الأسباب التي تدعو الى التعدد وهذا واضح في آية التعدد
وكذلك أحد الأسباب التي تدعو الى التعدد أو الزواج بصفة عامة يكون في الزواج من الأرامل والمطلقات ومن لازوج لها وكذلك الفقراء فلهذا أجر عظيم عند الله ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )، وكما ذكر الكثير من المفسرين أن في هذه الآية أمر بوجوب الزواج من الطائفة المذكورة
قال الله ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) صدق الله العظيم
وقال ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ )، فلا تنسى هذا وتتحدث عن التعدد
وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )، فلا تكن قط أعرج من دون ذيل يتحدث عن التعدد، فالتعدد للأسود فقط فإذا كان سببك للتعدد هو إبتغاء الشهوات ففي غالب الأمر أنك لن تستطيع العدل بينهم وينتهي الأمر بالطلاق وكأن كل هذا يحصل دون فائدة
فلهذا نقول لم نحرم شرع الله؟ ونحن بشر لانعلم عن الفوائد لك هذا سواء كان للذكر أو الأنثى. فعظم الإسلام شأن المرأة وهي العماد التي تقوم عليه الأمم ولكن نظرة الناس لشرع الله أصبح لها نصيب كبير من الفكر الصهيوني فلماذا فعل بهذا الصحابة؟ ستقول نحن لسنا في زمن الصحابة؟ أقول لك تحدث عن نفسك فنحن نسعى للرجوع للخلف والإقتداء بسنة الأولين في كل شيء حتى في كيفية التعامل مع العملة المعدنية في التجارة
نحن نتحدث عن التعدد وقد ذكرنا دواعيه ولكن في الأصل أن هذا حلال فلما يُعامل من يفكر بهذا وكأنه أرتكب جريمة؟ ألا نتعظ بالقصة المذكورة في سورة التحريم؟ قال الله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )، فالعبره أن كلام الله فوق كل شيء فإذا أحل شيء فأعلم أنه خير ولتكن العلاقة بين الأزواج مبنية على طاعة الله والمعاملة الحسنة ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )، وإن لم يتوفر كل هذا فلنا بقوله ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )، وقال ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) صدق الله العظيم
وفي الأخير ينسى الإنسان أن الزواج قسمة ونصيب وأن هذا مكتوب ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا )، ومالنا لا نتوكل على الله ونحن نعلم أن كل شيء مكتوب فقال لنا في سورة الطلاق ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) صدق الله العظيم
ففي هذا بيان أن لا نكون كأهل الكتاب ، نحلل ماحرم الله ونحرم ما حلل الله وكذلك أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) صدق الله العظيم
قال الله ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) صدق الله العظيم
فالقتال ضرورة ومن ينافق هو الذي يجحد هذا (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ )، واذا جاهد المؤمنين فوعدهم الله بالنصر ( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )، واذا أتى النصر ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، من سيرعى هؤلاء الضيوف؟ سيكون التعدد عندها ضرورة ولا شك في هذا، كما أن المهاجرين وحديثي الإسلام سيحتاجون إلى الزواج من النساء المسلمات ليتعلموا منهم الدين واللغة
ويعلم الله أن قد لاتستطيع فعل هذا ولكن المسأله هي مسألة إيمان بالقلب فهل أن فعلاً صادق مع الله ونيتك أن يحصل هذا؟ هل تفهم معنى معاهده الله ؟ هل تعلم أنك إذا كنت صادق مع الله فسيسخر لك كل هذا؟
قال الله ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )، نعم عاهدوا الله وينتظرون ومابدلوا كلام الله وأخذوا بكل كلمة أمرهم الله بها