بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله ( ۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلا یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ (١٠) أَنِ ٱعۡمَلۡ سَـٰبِغَـٰتࣲ وَقَدِّرۡ فِی ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُوا۟ صَـٰلِحًاۖ إِنِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیر (١١) وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡر وَرَوَاحُهَا شَهۡر وَأَسَلۡنَا لَهُۥ عَیۡنَ ٱلۡقِطۡرِۖ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ (١٢) یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیل مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ (١٣)﴾ [سبأ ١٠-١٣] صدق الله العظيم
تفضل الله على آل داوود الشاكرين الذين فضلهم الله على كثير من الناس ( وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ عِلۡما وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِیر مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ)، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ وجعلناه له لينا كالطين والعجين والشمع، يصرفه بيده كيف يشاء من غير نار ولا ضرب بمطرقة. وقيل: لان الحديد في يده لما أوتى من شدّة القوّة. وقرئ صابغات، وهي الدروع الواسعة الضافية، وهو أوّل من اتخذها وكانت قبل صفائح، ثم قال الله (ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡر)، فهذا مثل للمؤمن ليعلم أن الشكور الصبور سينال الكثير، فاعْمَلُوا آلَ داوُدَ حكاية ما قيل لآل داود. وانتصب شُكْراً على أنه مفعول له، أى: اعملوا لله واعبدوه على وجه الشكر لنعمائه. وفيه دليل على أن العبادة يجب أن تؤدّى على طريق الشكر. أو على الحال، أى: شاكرين. أو على تقدير اشكروا شكرا، لأن اعملوا فيه معنى اشكروا، من حيث أنّ العمل للمنعم شكر له. ويجوز أن ينتصب باعملوا مفعولا به. ومعناه: إنا سخرنا لكم الجنّ يعملون لكم ما شئتم، فاعملوا أنتم شكرا على طريق المشاكلة الشَّكُورُ المتوفر على أداء الشكر، الباذل وسعه فيه: قد شغل به قلبه ولسانه وجوارحه، اعتقادا واعترافا وكدحا، وأكثر أوقاته
نختص في هذا التدبر في مناقشة صحة مايتم تداوله في كتب التفسير عن فتنة سيدنا داوود وفتنة سيدنا سليمان المذكورتان في سورة ص وذلك لأننا وجدنا أن أغلبية كتب التفسير أخذت المعنى المراد معرفته من مجموعة من قصص الإسرائيليات والتي يجب علينا عدم تكذيبها ولا تصديقها، وستجد أن المعنى الوحيد في الكثير من التفاسير محصور على ماقاله أهل الكتاب في هذا. قال الله ( وَمَا مِن دَاۤبَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰۤىِٕرࣲ یَطِیرُ بِجَنَاحَیۡهِ إِلَّاۤ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مِن شَیۡءࣲۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ یُحۡشَرُونَ)، فهل نستطيع الإستغناء عن الإسرائيليات في هذا؟ بمعنى آخر، هل ستصل لنا العبرة والمعنى الذي يريدنا الله معرفته من دون الإستعانة بما أفترى البعض به على من أصطفاهم الله؟
بحثت في الكثير من كتب التفسير وسنعرض عليكم ماوجدته يتوافق مع فهمي البسيط للمعاني المذكورة
قال الله ( قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلۡخُلَطَاۤءِ لَیَبۡغِی بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَقَلِیل مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّ رَاكِعا وَأَنَابَ) صدق الله العظيم
وكأن الله عز وجل ينبه الناس أحذرو من ظلم الناس، فلماذا لا نضع في الإعتبار موضوع الإفتراء على نبي الله داوود وسليمان وخاصة نحن نعلم بكمية الكذب عليهما في الأسفار؟
وينبهك الله بوصفه الجميل لهم فقال ( ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَیۡدِۖ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ یُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ (١٨) وَٱلطَّیۡرَ مَحۡشُورَةࣰۖ كُلّ لَّهُۥۤ أَوَّابࣱ (١٩) وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ (٢٠)﴾ [ص ١٧-٢٠] صدق الله العظيم
وقال (وَوَهَبۡنَا لِدَاوُۥدَ سُلَیۡمَـٰنَۚ نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ) صدق الله العظيم
فهل العبرة في السورة هي معرفة كيفية الفتنة أم هناك أمر أعظم من هذا بكثير ألا وهو معرفة كيفية تعامل العبد المنيب الى الله؟
ففي ﻧﻈﻢ اﻟﺪﺭﺭ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻵﻳﺎﺕ ﻭاﻟﺴﻮﺭ للبقاعي وجدنا أنسب مايكون هو الصحيح في كل ماقيل عن موضوع ظن داوود بالفتنة وموضوع النعاج
ففي قوله تعالى ( ۞ وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُا۟ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُوا۟ ٱلۡمِحۡرَابَ)، أي ﻫﻞ ﺃﺗﺘﻚ ﻫﺬﻩ اﻷﻧﺒﺎء، ﻋﻄﻒ ﻋﻠﻴﻪ – ﻣﺒﻴﻨﺎ ﻋﻮاﻗﺐ اﻟﻌﺠﻠﺔ ﻣﻌﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﻋﻄﻰ اﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺰاﻝ ﻧﺎﻇﺮا ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﺳﺎﺋﻼ ﻟﻪ اﻟﺘﻔﻬﻴﻢ، اﺳﺘﻌﺠﺎﺯا ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﺘﺼﻮﺭا ﻟﻤﻘﺎﻡ اﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺮﺭ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﺑﻨﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ: «ﻧﻌﻢ اﻟﻌﺒﺪ» ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﻇﺎﻫﺮﻩ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻐﺮاﺑﺔ ﺧﺒﺮﻩ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺟﺪا، ﻭﺃﻓﺮﺩﻩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺮاﺩ اﻟﺠﻤﻊ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺇﻇﻬﺎﺭ اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﺜﻼ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺨﺼﻢ ﻣﺼﺪﺭا ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻤﺎ ﻓﻮﻗﻪ ﺫﻛﺮا ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﺃﻧﺜﻰ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺼﺢ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺭﺑﻘﺔ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﻴﻦ ﺧﺼﻤﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ اﻟﺨﺼﻢ ﻗﺎﻝ: {ﺇﺫا} ﺃﻱ ﺧﺒﺮ ﺗﺨﺎﺻﻤﻬﻢ ﺣﻴﻦ {ﺗﺴﻮﺭﻭا} ﺃﻱ ﺻﻌﺪﻭا اﻟﺴﻮﺭ ﻭﻧﺰﻟﻮا ﻣﻦ ﻫﻢ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻬﻢ، ﺁﺧﺬا ﻣﻦ اﻟﺴﻮﺭ ﻭﻫﻮ اﻟﻮﺛﻮﺏ {اﻟﻤﺤﺮاﺏ *} ﺃﻱ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺩاﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﻪ، ﻭﻫﻮ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﺟﺎﺅﻭﻩ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺎﺏ، ﻓﺨﺎﻟﻔﻮا ﻋﺎﺩﺓ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻷﻣﺮﻳﻦ، ﻭﻛﺄﻥ اﻟﻤﺤﺮاﺏ اﻟﺬﻱ ﺗﺴﻮﺭﻭﻩ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺩاﺧﻞ ﺑﺎﺏ ﺁﺧﺮ، ﻓﻨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺃﺑﺪﻝ ﻣﻦ «ﺇﺫ» اﻷﻭﻝ ﻗﻮﻟﻪ: {ﺇﺫ} ﺃﻱ ﺣﻴﻦ {ﺩﺧﻠﻮا} ﻭﺻﺮﺡ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﺭﻓﻌﺎ ﻟﻠﺒﺲ ﻭﺇﺷﻌﺎﺭا ﺑﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺮﺏ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻭﻋﻈﻴﻢ اﻟﻮﺩ ﻓﻘﺎﻝ: {ﻋﻠﻰ ﺩاﻭﺩ} اﺑﺘﻼء ﻣﻨﺎ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻋﻈﻢ اﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﺎ، ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻳﻬﻮﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﻓﻔﺰﻉ} ﺃﻱ ﺫﻋﺮ ﻭﻓﺮﻕ ﻭﺧﺎﻑ {ﻣﻨﻬﻢ} ﺃﻱ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﺷﺠﺎﻋﺔ اﻟﻘﻠﺐ ﻭﻋﻠﻢ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻋﺰ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﻴﻞ: ﻓﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ؟ ﻗﺎﻝ: {ﻗﺎﻟﻮا ﻻ ﺗﺨﻒ} ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎ ﻟﺬﻫﺎﺏ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﺬﻫﺐ، ﻋﻴﻨﻮا ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ: {ﺧﺼﻤﺎﻥ} ﺃﻱ ﻧﺤﻦ ﻓﺮﻳﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﻣﺔ، ﺛﻢ ﺑﻴﻨﻮا ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ: {ﺑﻐﻰ ﺑﻌﻀﻨﺎ} ﺃﻱ ﻃﻠﺐ ﻃﻠﺒﺔ ﻋﻠﻮ ﻭاﺳﺘﻄﺎﻟﺔ {ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ} ﻓﺄﺑﻬﻢ ﺃﻭﻻ ﻟﻴﻔﺼﻞ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺃﻭﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻋﻦ ﻫﺬا ﺳﺆاﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﻟﻮا: {ﻓﺎﺣﻜﻢ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖ} ﺃﻱ اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺬﻱ ﻳﻄﺎﺑﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﺄﻻﻩ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻜﻢ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺟﺪﺭ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺗﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﺩﻧﻰ ﻫﻔﻮﺓ {ﻭﻻ ﺗﺸﻄﻂ} ﺃﻱ ﻻ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺒﻌﺪ ﻭﻣﺠﺎﻭﺯﺓ اﻟﺤﺪ ﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻠﺘﺒﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻤﺮاﺩ ﻭﻻ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﺃﻭ ﻭﻻ ﺗﻤﻌﻦ ﻓﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺪاﻕ اﻷﻣﻮﺭ ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺭﺿﻰ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻧﻰ اﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﻟﺬا ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺎﻋﻲ ﻭاﻟﺜﻼﺛﻲ ﺑﻤﻌﻨﺎﻩ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ: ﺷﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﺃﺷﻂ – ﺇﺫا ﺟﺎﺭ، ﻭﻟﺬا ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻚ اﻹﺩﻏﺎﻡ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ اﻟﻨﻬﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻦ اﻟﺸﻄﻂ اﻟﻮاﺿﺢ ﺟﺪا. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺤﻖ ﻟﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﺩﻧﻰ ﻭﺃﻭﺳﻂ، ﻃﻠﺒﻮا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻷﻭﺳﻂ ﻓﻘﺎﻟﻮا {ﻭاﻫﺪﻧﺎ} ﺃﻱ ﺃﺭﺷﺪﻧﺎ {ﺇﻟﻰ ﺳﻮاء} ﺃﻱ ﻭﺳﻂ {اﻟﺼﺮاﻁ *} ﺃﻱ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮاﺿﺢ، ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻮﺳﻂ ﻣﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ: اﻹﻓﺮاﻁ ﻓﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺪاﻕ اﻷﻣﺮ ﻭاﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺫﻟﻚ
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻋﻮﻯ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﺴﺘﻐﺮﺏ ﻳﻜﺎﺩ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺃﻧﻜﺮﻩ ﺳﺎﻕ اﻟﻜﻼﻡ ﻣﺆﻛﺪا ﻓﻘﺎﻝ: {ﺇﻥ ﻫﺬا} ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻴﻦ، ﺛﻢ ﺃﺑﺪﻝ ﻣﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ: {ﺃﺧﻲ} ﺃﻱ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﺼﺤﺒﺔ، ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﻟﻪ ﺗﺴﻊ ﻭﺗﺴﻌﻮﻥ ﻧﻌﺠﺔ} ﻭﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ {ﺃﺧﻲ} ﻫﻮ اﻟﺨﺒﺮ ﻭاﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻷﺟﻞ اﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻣﺨﺎﺻﻤﺔ اﻷﺥ ﻭﻋﺪﻭاﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ اﺳﺘﺌﻨﺎﻓﺎ {ﻭﻟﻲ} ﺃﻱ ﺃﻧﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﺪﻋﻲ {ﻧﻌﺠﺔ} ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﻷﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻨﺴﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﻭاﺣﺪﺓ} ﺛﻢ ﺳﺒﺐ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻓﻘﺎﻝ} ﺃﻱ اﻟﺬﻱ ﻟﻪ اﻷﻛﺜﺮ: {ﺃﻛﻔﻠﻨﻴﻬﺎ} ﺃﻱ ﺃﻋﻄﻨﻴﻬﺎ ﻷﻛﻮﻥ ﻛﺎﻓﻼ ﻟﻬﺎ {ﻭﻋﺰﻧﻲ} ﺃﻱ ﻏﻠﺒﻨﻲ ﻭﻗﻮﻯ ﻋﻠﻲ ﻭاﺷﺘﺪ ﻭﺃﻏﻠﻆ ﺑﻲ {ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎﺏ *} ﺃﻱ اﻟﻜﻼﻡ اﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﺷﺄﻥ ﻣﻦ ﺟﺪاﻝ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﺄﻥ ﺣﺎﻭﺭﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻣﻠﻨﻲ ﻓﺴﻜﺖ ﻋﺠﺰا ﻋﻦ اﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻣﻌﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻨﻊ ﻣﻨﻲ ﺑﺸﻲء ﺩﻭﻥ ﻣﺮاﺩﻩ. ﻭﻟﻤﺎ ﺗﻤﺖ اﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺣﺼﻞ اﻟﺘﺸﻮﻑ ﺇﻟﻰ اﻟﺠﻮاﺏ ﻓﺎﺳﺘﺆﻧﻒ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻗﺎﻝ} ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻯ اﻟﺨﺼﻢ ﻗﺪ ﺳﻜﺖ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺪﻋﻲ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﻇﻬﺮ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﻮﺗﺐ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺨﺮﺝ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺗﺪﺭﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺜﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﺤﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺮﺁﺋﻦ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻨﻊ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﻤﺜﻞ اﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺃﻛﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ اﻟﻘﺴﻢ ﺭﺩﻋﺎ ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺻﺤﺔ اﻟﺪﻋﻮﻯ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻓﻌﻠﻪ ﻷﻥ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺆﺫﻥ ﺑﺈﻧﻜﺎﺭ ﻛﻮﻧﻪ ﻇﺎﻟﻤﺎ ﻭﻛﻮﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻇﻠﻤﺎ. ﻣﻔﺘﺘﺤﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺑﺤﺮﻑ اﻟﺘﻮﻗﻊ ﻻﻗﺘﻀﺎء ﺣﺎﻝ اﻟﺪﻋﻮﻯ ﻟﻪ: {ﻟﻘﺪ ﻇﻠﻤﻚ} ﺃﻱ ﻭاﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺃﻭﻗﻊ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻌﻚ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺻﺤﺔ ﺩﻋﻮاﻙ {ﺑﺴﺆاﻝ ﻧﻌﺠﺘﻚ} ﺃﻱ ﺑﺄﻥ ﺳﺄﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻀﻤﻬﺎ، ﻭﺃﻓﺎﺩ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ اﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇﻟﻰ ﻧﻌﺎﺟﻪ} ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ ﻭﻟﺬا ﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﺑﺴﺆاﻟﻪ ﺛﻢ ﻋﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮا ﻛﻠﻴﺎ ﺟﺎﻣﻌﺎ ﻟﻬﻢ ﻭﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻭاﻋﻈﺎ ﻭﻣﺮﻏﺒﺎ ﻭﻣﺮﻫﺒﺎ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻠﻄﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﻈﻦ اﻷﻟﻔﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ اﻟﻌﺪﻝ ﻭاﻟﻨﺼﻔﺔ ﻭاﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻭﺟﻮﺩ اﻟﺒﻐﻲ ﻣﻌﻬﺎ، ﺃﻛﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻭاﻋﻈﺎ ﻟﻠﺒﺎﻏﻲ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﻠﻮﺣﺎ ﺑﺎﻹﻏﻀﺎء ﻭاﻟﺼﻠﺢ ﻟﻠﻤﻈﻠﻮﻡ: {ﻭﺇﻥ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻄﺎء} ﺃﻱ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻛﻢ {ﻟﻴﺒﻐﻲ} ﺃﻱ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﻭﻳﺴﺘﻄﻴﻞ {ﺑﻌﻀﻬﻢ} ﻋﺎﻟﻴﺎ {ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ} ﻓﻴﺮﻳﺪﻭﻥ ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻖ {ﺇﻻ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا} ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻄﺎء {ﻭﻋﻤﻠﻮا} ﺃﻱ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﻟﻤﺎ اﺩﻋﻮﻩ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎﻥ {اﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ} ﺃﻱ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻐﻲ {ﻭﻗﻠﻴﻞ} ﻭﺃﻛﺪ ﻗﻠﺘﻬﻢ ﻭﻋﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺃﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻣﺎ} ﻣﺜﻞ ﻧﻌﻤﺎ ﻭﻷﻣﺮﻫﺎ {ﻫﻢ} ﻭﺃﺧﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺘﺪﺃ ﻭﻗﺪﻡ اﻟﺨﺒﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﻪ ﻷﻥ اﻟﻤﺮاﺩ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺸﺪﺓ اﻷﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻘﻠﺔ، ﺃﻱ ﻓﺘﺄﺱ ﺑﻬﻢ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﺪﻋﻲ ﻭﻛﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻟﻤﺎ ﺃﺗﻢ ﺫﻟﻚ ﺫﻫﺐ اﻟﺪاﺧﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪا ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺧﺼﻮﻣﺔ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭاﺩﻭا ﺃﻥ ﻳﺠﺮﺑﻮﻩ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﻳﺪﺭﺑﻮﻩ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﺇﺫا اﻧﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﻌﻴﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﻜﻼﻡ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺴﻦ اﻟﻄﺮﻕ ﻣﻊ ﺧﻠﻮ اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﻓﺴﺎﺩ، ﻭﺣﺎﺻﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻼﻡ، ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ ﻟﻮاﺯﻣﻪ، ﻓﻬﻮ ﻣﺜﻞ ﺩﻻﻟﺔ اﻟﺘﻀﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺮﺩاﺕ
وفي ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﻇﻦ ﺩاﻭﺩ} ﺃﻱ ﺑﺬﻫﺎﺑﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﻓﺼﻞ اﻷﻣﺮ ﻭﻗﺪ ﺩﻫﻤﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻋﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﻤﺜﻠﻪ {ﺃﻧﻤﺎ ﻓﺘﻨﺎﻩ} ﺃﻱ اﺧﺘﺒﺮﻧﺎﻩ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎﻡ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺰﻡ اﻟﻤﻠﻮﻙ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻟﻴﺘﺒﻴﻦ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻇﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﻳﺴﺄﻟﻪ اﻟﻤﺪﻋﻲ اﻟﺤﻜﻢ، ﻓﻌﺎﺗﺒﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﻟﻌﻠﻮ ﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻳﻌﺎﺗﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺼﺮ اﻟﻤﻮﺻﻮﻑ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺔ ﻗﻠﺒﺎ، ﺃﻱ ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺼﺔ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻻ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ اﻟﻤﺮﺃﺓ اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺗﻨﺰﻳﻬﻪ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺇﺧﻮاﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻟﻘﻴﻞ «ﻭﻋﻠﻢ ﺩاﻭﺩ» ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﻭﻇﻦ – ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺃﺩﻧﻰ ﺫﻭﻕ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻭﺭاﺕ – ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻤﻮﻓﻖ، ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ: ﻭﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ ﻭاﻟﺤﺎﺭﺙ اﻷﻋﻮﺭ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﺣﺪﺛﻜﻢ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺩاﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻳﻪ اﻟﻘﺼﺎﺹ ﺟﻠﺪﺗﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﺳﺘﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﺣﺪ اﻟﻔﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺭﻭﻱ ﺃﻧﻪ ﺣﺪﺙ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﻖ، ﻓﻜﺬﺏ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﺑﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﺧﻼﻓﻬﺎ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻭﻛﻒ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﺘﺮا ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ: ﻟﺴﻤﺎﻋﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﻼﻡ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻤﺎ ﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻤﺲ. ﻭﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺬﺏ اﻟﻴﻬﻮﺩ، ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺘﻌﻤﺪﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺩاﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻷﻥ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻪ ﻟﻴﺠﺪﻭا اﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻴﻪ. ﻭﻟﻤﺎ ﻇﻦ ﻫﺬا، ﺳﺒﺐ ﻟﻪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻷﻭﺑﺔ ﻓﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮ} ﻭﻟﻤﺎ اﺳﺘﻐﺮﻗﺘﻪ اﻟﻌﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺬا ﻣﺨﺮﻫﺎ، ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺫﻛﺮ اﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭاﻟﻠﻄﻒ ﻓﻘﺎﻝ: {ﺭﺑﻪ} ﺃﻱ ﻃﻠﺐ اﻟﻐﻔﺮاﻥ
فهل قال الله أو رسوله الكريم أن الخصمان ملائكة؟ الجواب لا ونحن نعلم أن الملائكة معصومة من الخطأ فكيف يكون الخصمان ملائكة تفتن البشر؟
هل النعاج هم النساء؟ من أين لنا هذا ؟
هل نكتفي بما قاله الله في كتابه؟ الجواب نعم
أما بالنسبة لفتنة سيدنا سليمان والتي أصبحت قصة من خرافات البشر فلنا فيها ماقاله الله لنا فيها فقط
قال الله ( وَوَهَبۡنَا لِدَاوُۥدَ سُلَیۡمَـٰنَۚ نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ (٣٠) إِذۡ عُرِضَ عَلَیۡهِ بِٱلۡعَشِیِّ ٱلصَّـٰفِنَـٰتُ ٱلۡجِیَادُ (٣١) فَقَالَ إِنِّیۤ أَحۡبَبۡتُ حُبَّ ٱلۡخَیۡرِ عَن ذِكۡرِ رَبِّی حَتَّىٰ تَوَارَتۡ بِٱلۡحِجَابِ (٣٢) رُدُّوهَا عَلَیَّۖ فَطَفِقَ مَسۡحَۢا بِٱلسُّوقِ وَٱلۡأَعۡنَاقِ (٣٣)﴾ [ص ٣٠-٣٣] صدق الله العظيم
ﻭﻫﻮ اﻟﻤﺎﻝ ﺑﻞ ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻤﺎﻝ ﻭﺳﺒﺐ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ ﺩﻧﻴﻮﻱ ﻭﺃﺧﺮﻭﻱ «اﻟﺨﻴﻞ ﻣﻌﻘﻮﺩ ﻓﻲ ﻧﻮاﺻﻴﻬﺎ اﻟﺨﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ» ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺫﻟﻚ ﺑﻐﺎﻳﺔ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻏﺎﻓﻼ {ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﺭﺑﻲ} اﻟﻤﺤﺴﻦ ﺇﻟﻲ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺨﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺘﻨﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻓﻠﻢ ﺃﺫﻛﺮﻩ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻇﻴﻔﺔ اﻟﻮﻗﺖ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺿﻲ ﻟﻬﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﺫﻛﺮا ﻟﻪ. ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺫﻟﻚ ﺑﻲ {ﺣﺘﻰ ﺗﻮاﺭﺕ} ﺃﻱ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺔ ﻣﻦ «اﻟﻌﺸﻲ» {ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺏ *} ﻭﻫﻲ اﻷﺭﺽ اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻟﺖ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﺼﺎﺭﺕ ﻭﺭاءﻫﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ. ﻭﻟﻤﺎ اﺷﺘﺪ ﺗﺸﻮﻑ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺐ ﻟﻪ اﻟﻮﺻﻒ ﺑﺄﻭاﺏ ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎﻉ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻟﻮﻣﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮﻝ ﻭاﻟﻔﻌﻞ، ﺃﺟﻴﺐ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺭﺩﻭﻫﺎ} ﺃﻱ ﻗﺎﻝ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ: ﺭﺩﻭا {ﻋﻠﻲ} اﻟﺨﻴﻮﻝ اﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺘﻨﻲ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ: ﻓﺮﺩﻭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻧﺴﻖ ﺑﻪ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻓﻄﻔﻖ} ﺃﻱ ﺃﺧﺬ ﻳﻔﻌﻞ ﻇﺎﻓﺮا ﺑﻤﺮاﺩﻩ ﻻﺯﻣﺎ ﻟﻪ ﻣﺼﻤﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﺻﻼ ﻟﻪ ﻣﻌﺘﻤﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻭ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺒﺎﺏ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻤﻬﺎ اﻟﺨﻴﻞ ﻣﻔﺎﺭﻗﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﺫﻫﻮﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻋﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺘﻘﺮﺑﺎ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﻀﺤﺎﻳﺎ {ﻣﺴﺤﺎ} ﺃﻱ ﻳﻮﻗﻊ اﻟﻤﺴﺢ – ﺃﻱ اﻟﻘﻄﻊ – ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﺇﻳﻘﺎﻋﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺴﻴﻒ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻀﻮﻳﻦ ﺃﺩﺧﻞ اﻟﺒﺎء ﻓﻘﺎﻝ: {ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ} ﺃﻱ ﻣﻨﻬﺎ {ﻭاﻷﻋﻨﺎﻕ *} ﻳﻀﺮﺑﻬﺎ ﺿﺮﺑﺎ ﺑﺴﻴﻒ ﻣﺎﺽ ﻭﺳﺎﻋﺪ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺻﻨﻊ ﺳﺪﻳﺪ ﻳﻤﻀﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﻗﻔﺔ ﺃﺻﻼ ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻤﺴﺤﻪ ﻣﺴﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮ ﺟﻠﻮﺩﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﻣﺴﺢ ﻋﻼﻭﺗﻪ، ﺃﻱ ﺿﺮﺏ ﻋﻨﻘﻪ – ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ. ﻭﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺑﻬﺬا ﻣﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﻋﺰ اﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻷﻭﺑﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺟﺪا، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻡ اﻟﺸﻬﻮﺩ ﻣﻊ ﺣﻔﻈﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻬﺎﺗﻪ ﺃﻋﻈﻢ، ﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻣﺆﻛﺪا ﻟﻤﺎ ﻃﺒﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﻥ اﻷﻭاﺏ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻮاﺟﻪ ﺑﺎﻟﻌﺘﺎﺏ: {ﻭﻟﻘﺪ ﻓﺘﻨﺎ} ﺃﻱ ﺑﻤﺎ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺔ {ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ} ﺃﻱ ﻣﻊ ﺇﺳﺮاﻋﻪ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺭﺿﺎﻩ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ، اﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ، ﻓﺄﺳﻔﺮﺕ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﺧﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ اﻷﻭﺑﺔ ﻓﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺪﺭﻳﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻗﻤﻨﺎﻩ ﻓﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﺄﺑﻴﻪ ﺩاﻭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﺎﻗﺘﺪ ﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺒﺼﺎﺭ ﺑﺎﻟﺒﻼء، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﻚ ﺃﻣﺮا ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺟﻠﻴﻼ ﺷﺮﻳﻔﺎ ﻛﺮﻳﻤﺎ {ﻭﺃﻟﻘﻴﻨﺎ} ﺃﻱ ﺑﻤﺎ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺔ {ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ} اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﺎﺑﻪ ﺃﺳﻮﺩ اﻟﻔﻴﻞ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺒﺮﺓ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻧﺎﻗﺼﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺄﻧﻪ ﺟﺴﺪ ﻻ ﺭﻭﺡ ﻓﻴﻪ، ﻟﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺑﻼ ﻣﻌﻨﻰ، ﻗﺎﻝ: {ﺟﺴﺪا} ﻓﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ اﻟﻤﻜﺎﻥ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﺷﺮﻓﻨﺎﻩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺔ اﻟﻨﺒﻮﺓ اﻟﻤﻘﺮﻭﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﻥ ﺃﺣﺪا ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻧﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻤﻜﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﻣﻨﻪ ﺗﻤﻜﻴﻨﺎ ﻻ ﻛﻠﻔﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺄﻧﻪ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻐﻴﺮ اﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻥ اﻟﻤﻠﻚ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻨﺎ، ﻧﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺎء ﺑﻤﻦ ﻧﺸﺎء، ﻓﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻤﻦ ﺭﺟﺎﻧﺎ ﻭاﻟﻮﻳﻞ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﻣﻦ ﻣﻜﺮﻧﺎ ﻓﻼ ﻳﺨﺸﺎﻧﺎ، ﻓﻌﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﺗﺼﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻠﺪﺓ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺘﻚ، ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﺰﺓ ﻭاﻟﺸﻘﺎﻕ ﻃﻮﻉ ﻣﺸﻴﺌﺘﻚ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﺣﺪ ﺑﻌﺪﻙ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻷﺣﺪ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺫ اﻷﻣﺮ ﻭﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻌﺰ ﻭﺇﺣﻼﻝ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮاﻡ ﺑﻘﺪﺭ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺳﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻭﺑﻘﺎء اﻟﺬﻛﺮ، ﻭاﻟﺬﻱ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻪ اﻵﻥ اﺑﺘﻼء ﻭاﺧﺘﺒﺎﺭ ﻭﺗﺪﺭﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﻮﺭ اﻟﻜﺒﺎﺭ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺈﻃﻼﻕ اﻟﺠﺴﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ، ﻻ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺭﻭﺡ ﻓﻴﻪ، ﺃﻃﻠﻘﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺟﻤﺎﺩ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺠﻞ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ «ﻟﻪ ﺧﻮاﺭ» ﻓﺒﻴﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺭﻭﺡ ﻟﻪ، ﻭﺇﻥ ﺻﺢ ﺃﻥ ﻫﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﻫﻮ ﺻﺨﺮ اﻟﺠﻨﻲ ﻭﺃﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﺳﺠﻮﺩ اﻟﺠﺮاﺩﺓ اﻣﺮﺃﺓ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﺃﺑﻴﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻠﻢ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﻻ ﺇﺭاﺩﺗﻪ، ﻓﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﺃﻧﺎ ﺳﻠﺒﻨﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺻﻔﻴﻨﺎ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﺭﻓﻊ ﺳﺠﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﻻ ﺇﺭاﺩﺗﻪ ﻭﻻ ﻋﻠﻤﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﻳﺴﺠﺪ ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻭﺛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺤﺮاﻡ ﻓﻌﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﻧﺰﻳﻞ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﻧﺨﻤﺪ ﺷﺮﻫﻢ ﻭﻧﻤﺤﻮ ﺫﻛﺮﻫﻢ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﺭﺟﻮﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ، ﻓﻬﻲ اﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﻟﻤﺎ ﻓﺎﺕ ﻗﺎﻝ: {ﺛﻢ ﺃﻧﺎﺏ *} ﻭﻓﺴﺮ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺘﻨﻪ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻋﺒﺪ ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺠﺎﺏ اﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺟﻮﺑﺎ ﻟﻤﻦ ﺳﺄﻝ ﻋﻨﻬﺎ: {ﻗﺎﻝ ﺭﺏ} ﺃﻱ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﺤﺴﻦ ﺇﻟﻲ {اﻏﻔﺮ ﻟﻲ} ﺃﻱ اﻷﻣﺮ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﺑﺴﺒﺒﻪ. ﻭﻟﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﺃﻣﺮ اﻵﺧﺮﺓ، ﺃﺗﺒﻌﻪ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﻫﺐ ﻟﻲ} ﺃﻱ ﺑﺨﺼﻮﺻﻲ {ﻣﻠﻜﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ} ﺃﻱ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻃﻠﺒﻪ ﻭﺟﻮﺩا ﺗﺤﺼﻞ ﻣﻌﻪ اﻟﻤﻄﺎﻭﻋﺔ ﻭاﻟﺘﺴﻬﻞ {ﻷﺣﺪ} ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﺎ ﻃﺎﻝ ﺃﻭ ﻗﺼﺮ ﺳﻮاء ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ اﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭاﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻭ ﺟﺴﺪا ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﺰ ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﺑﻪ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻭﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺠﺎﺭ ﻓﻘﺎﻝ: {ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ} ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺮﺏ
أما من أستدل بأن الجسد هو نصف الرجل المذكور في الصحيحين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ( قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ ” قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ ) رواه البخاري (5242) ، ومسلم (1654). انتهى
فلم نجد أي إشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هذا القول ذي علاقة مع آية الجسد ونعلم أن الجسد هو مالاروح فيه ولانعلم ولا نستطيع ان نجزم بأي شيء
وبهذا نختم بالقول أن القرآن كتاب مبين ووافي وهذا لنعلم أن تفسير كل هذا بالظنون الإسرائيلية ماهو الا فتنة وإن صح بعض ماذكر في هذا
هل قال الله أن هذا الجسد الذي ألقي على كرسي سليمان أنه شيطان؟ نعلم أن الجسد هو ما لاروح فيه مثل الجثة وعلمنا أن المعنى هو أن ملك سليمان أصبح لاروح فيه في وقتها، فهل نحتاج الخوض ومعرفة المزيد؟ الجواب لا وإن كان هذا صحيح
ثم لمن قال أن سيدنا سليمان هو ذو القرنين، لنا أن نأخذ بهذا
قال الله ( وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَن ذِی ٱلۡقَرۡنَیۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا) صدق الله العظيم
من يسأل عن ذي القرنين؟ لا يسأل عن ذي القرنين إلا إنسان يعلم أن هناك من يسمونه بذي القرنين ومثل هذه المعلومة لن تجدها آن ذاك الا عند أهل الكتاب وفي الأسفار التفريق بين سليمان وذي القرنين واضح جداً. فلا تقول الأسفار أبداً أنهم شخص واحد
سؤال: لماذا لم يقول الله صريحاً أن ذي القرنين هو سليمان؟ أم يريد أن يضعك في ألغاز؟ لماذا نجد قصتين منفصلتين إذاً؟ طالما لم يذكر الله أن سليمان هو ذي القرنين فأعلم أن هذا هو الصحيح فلا نخلط قصة هذا في قصة هذا. لم يذكر الله أنتهى الموضوع إذاً وان كان فعلاً ذي القرنين هو سليمان ولم يذكر الله هذا فعلينا إحترام كلام الله والإلتزام بما هو ظاهر منه أما فتح بوابة التخريص فهو أمر باطل سيجعلك تقول أن ذي القرنين فتنه الله بالجسد وهذا تخريص ليس من عند الله وقد قيل لي هذا نصاً من أحدهم
قال الله ( وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ) صدق الله العظيم
وقال الله ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ سَبَبا) صدق الله العظيم
أما قول سليمان فهو قول العبد الشاكر الذي يرى أن الله قد آتاه من كل شيء فقد ذكر لنا ربنا سبحانه أنه قد علم سليمان منطق الطير و فهمه قول النملة ، و أسال له عين القطر ، و سخر له الريح و الجن ، و ألان لوالده الحديد ، لكن لا نستطيع القول أن الله قد سخر لسليمان النار ، و الدخان و كل جنود الله من غير التي أخبرنا عنها في كتابه ، بعكس ذي القرنين فالآية تشير إلى أن الله قد جعل له كل شيء معين و وسيلة لبلوغ رحلته ثم إن ما آتاه الله لسليمان لم يكن لأمر مخصوص و لا لزمن محدود فالأسباب التي سخرت لذي القرنين كانت لرحلة هو مأمور بتنفيذها بين الشرق و الغرب و ما بين السدين و لم يأتيننا من طريق صحيح أمرا سوى ذلك
وهل التمكين هو الملك؟
فمعنى التمكين في الأرض هو إعطاء المقدرة على التصرف وحقيقة المُلْك هو التصرّف بالأَمر والنهى فى الجمهور، وذلك يختصّ بسياسة الناطقين. فالله مكن ليوسف وقد آتاه الحكمة في التصرف وكذلك مكن الله لذي القرنين وآعطاه القوة بينما سيدنا سليمان فآتاه من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده وهل يؤتيه لمن قبله؟
طيب ماهو الملك هذا؟ لماذا أفترضنا أن ملك تعني السيطرة على مشارق الأرض ومغاربها بينما ذكر لنا القرآن صريحاً ماهو هذا الملك؟
قال الله ( وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَیۡمَـٰنَ وَأَلۡقَیۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِیِّهِۦ جَسَدا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَد مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّیحَ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦ رُخَاۤءً حَیۡثُ أَصَابَ (٣٦) وَٱلشَّیَـٰطِینَ كُلَّ بَنَّاۤءࣲ وَغَوَّاصࣲ (٣٧) وَءَاخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ (٣٨) هَـٰذَا عَطَاۤؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ (٣٩) وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابࣲ (٤٠)﴾ [ص ٣٤-٤٠] صدق الله العظيم
إذاً قال الله صريحاً ماهو ملك سليمان وختمها بقوله ( هَـٰذَا عَطَاۤؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ )، فكيف نقول أن ملك سليمان هو ما مكن الله فيه ذي القرنين؟
قال الله ( قَالَ مَا مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیۡرࣱ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُمۡ رَدۡمًا)، لماذا يطلب ذي القرنين المعونه من البشر اذا سخر الله له الشياطين والجان تحت أمره؟ ونعلم أن أمر بناء السد لأمر هين بالنسبة للجان والشياطين؟
وأما ما رواه الحاكم (104) والبيهقي (18050) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي الحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لأَهْلِهَا أَمْ لاَ ) ، فقد أعله الإمام البخاري رحمه الله وغيره
قال الإمام البخاري رحمه الله : ” وقال لي عبد الله بن محمد حدثنا هشام قال حدثنا معمر عن ابن ابى ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أدرى أعزير نبيا كان ام لا، وتبع لعينا كان ام لا، والحدود كفارات لأهلها ام لا ؟
وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن ابى ذئب عن سعيد عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأول أصح ، [يعني : المرسل ] ، ولا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحدود كفارة ) ” . انتهى