نموذج السموات والأرض
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله ( إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا) صدق الله العظيم
قال الله ( كَلَّاۤ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ (١٨) وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّیُّونَ (١٩) كِتَـٰب مَّرۡقُوم (٢٠) یَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِی نَعِیمٍ (٢٢) عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِ یَنظُرُونَ (٢٣) تَعۡرِفُ فِی وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِیمِ (٢٤) یُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِیق مَّخۡتُومٍ (٢٥) خِتَـٰمُهُۥ مِسۡك وَفِی ذَ ٰلِكَ فَلۡیَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَـٰفِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسۡنِیمٍ (٢٧) عَیۡناً یَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ (٢٨)) [ المطففين ١٨-٢٨] صدق الله العظيم
قال الله ( وُجُوه یَوۡمَىِٕذ نَّاعِمَة (٨) لِّسَعۡیِهَا رَاضِیَة (٩) فِی جَنَّةٍ عَالِیَة (١٠) لَّا تَسۡمَعُ فِیهَا لَـٰغِیَة (١١) فِیهَا عَیۡن جَارِیَة (١٢) فِیهَا سُرُر مَّرۡفُوعَة (١٣) وَأَكۡوَاب مَّوۡضُوعَة (١٤) وَنَمَارِقُ مَصۡفُوفَة (١٥) وَزَرَابِیُّ مَبۡثُوثَةٌ (١٦))[الغاشية ٨-١٦] صدق الله العظيم
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﻣﻦ ﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺃﻗﺎﻡ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺁﺗﻰ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭﺻﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻛﺎﻥ ﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻠﻪ اﻟﺠﻨﺔ، ﻫﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ، ﺃﻭ ﺟﻠﺲ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻪ اﻟﺘﻲ ﻭﻟﺪ ﻓﻴﻬﺎ “. ﻗﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻓﻼ ﻧﺒﺸﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻟﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ” ﺇﻥ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻋﺪﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﻛﻞ ﺩﺭﺟﺘﻴﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻭاﻷﺭﺽ، ﻓﺈﺫا ﺳﺄﻟﺘﻢ اﻟﻠﻪ ﻓﺎﺳﺄﻟﻮﻩ اﻟﻔﺮﺩﻭﺱ، ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻭﺳﻂ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺃﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻓﻮﻗﻪ ﻋﺮﺵ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﻣﻨﻪ ﺗﻔﺠﺮ ﺃﻧﻬﺎﺭ اﻟﺠﻨﺔ “. رواه البخاري
قال الله (ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ یَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَیۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء قَدِیر وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عِلۡمَۢا) صدق الله العظيم
أولاً: تم الإستنتاج أن معنى ( مثلهن) يكون في طريقة التكوين وهذا بأنهم متطابقين وكذلك في الحجم. ولكن الفرق بينالسموات والأرض هو أن السموات السبع لهن نفس الحجم ومنفصلات بينما الأرض قطعة واحدة وليست كلها بجميع الأحجام وهذا ما سنحاول تفصيلة في هذه الدراسة
قال الله ( قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡض) صدق الله العظيم
قال الله ( أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیّ وَلَا نَصِیرٍ) صدق الله العظيم
وفي أغلب المواضع في القرآن الكريم ستجد الله يقول ( ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ)، فالسموات بالجمع والأرض بالمفرد وهذا دليل على أن الأرض قطعة واحدة بينما السموات منفصلات ولكن الأرض عبارة عن أراضين على هيئة طبقات كما هي السماء
قال الله ( ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِی خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُت فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُور) صدق الله العظيم
أي بَعْضها فَوْق بَعْض مِن غَيْر مُماسَّة ﴿ما تَرى فِي خَلْق الرَّحْمانِ﴾ لَهُنَّ أوْ لِغَيْرِهِنَّ ﴿مِن تَفاوُت﴾ تَبايُن وعَدَم تَناسُب ﴿فارْجِعْ البَصَر﴾ أعِدْهُ إلى السَّماء ﴿هَلْ تَرى﴾ فِيها ﴿مِن فُطُور﴾ صُدُوع وشُقُوق – السيوطي
والتفاوت اي ليس فيهن إختلاف متطابقين والطباق أي فوق بعضهن وكذلك من التطابق كما قال البغوي ان هذا تعني أنها مستقيمة مستوية
وقال الفيروزآبادي: وتَفَاوَتَ الشَّيْآنِ: تباعَد ما بينهما تَفاوُتاً، مُثَلَّثَةَ الواو
وقال السمين الحلبي: التفاوت: الاختلاف والتباين في الأوصاف كأنه يفوت وصف أحدهما الآخر أو وصف كل واحدٍ منهما الآخر. وقرئ “تفوتٍ” بمعنى الأول. ويقال: تفاوت تفاوتًا، وتفوت تفوتًا: إذا اختلف
وهذا يفسر قوله تعالى ( ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا) صدق الله العظيم
اي أيْ جَعَلَ سَمْتها فِي جِهَة العُلُوّ رَفِيعًا، وقِيلَ سَمْكها سَقْفها ﴿فَسَوّاها﴾ جَعَلَها مُسْتَوِيَة بِلا عَيْب – السيوطي
ولنجمع الكلمات الموجودة في القرآن الكريم بخصوص خلق السموات والأرض
قال الله في خلق السموات: فَقَضَىٰهُنَّ ، فَسَوَّىٰهَا، رفع، استوى
قال الله في خلق الأرض طحاها، دحاها، بساطا، سطحت، مددناها، قرار، بساطا، فرشناها
ولمجرد النظر في الكلمات سنعلم أن خلق الأرض فيه إختلاف وليست متباينة وفيهما تفاوت. فالدحو يقتضي البسط من المنصف وجميع الأرجاء ( طحاها)، ويختلف هذا عند الأطراف وذلك لتتمكن الأرض من إحتواء الماء
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ( ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ اﻟﻠﻴﻞ ﻭاﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭاﻟﺸﻤﺲ ﻭاﻟﻘﻤﺮ ﻛﻞ ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﻳﺴﺒﺤﻮﻥ) [اﻷﻧﺒﻴﺎء: 33]، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻓﻠﻜﺔ ﻣﺜﻞ ﻓﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺰﻝ. اﻟﻔﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ: ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮ، ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺗﻔﻠﻚ ﺛﺪﻱ اﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﺇﺫا اﺳﺘﺪاﺭ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ اﻷﻓﻼﻙ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮﺓ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﻫﻮ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ
وكذلك نعلم أن عرض السماء أي واحدة من السموات السبع الغير متفاوتة مع مثيلاتها، تقدر بعرض الأرض التي يعيش عليها البشر وذلك في قوله تعالى ( ۞ وَسَارِعُوۤا۟ إِلَىٰ مَغۡفِرة مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِینَ) صدق الله العظيم
يخبر الله تعالى بعرض السماء ويقرن هذا بعرض الأرض فهل عرض السماء مثل عرض الأرض؟ زعم بعض المفسرين أن السماء أعظم في شأنها وأنها أكبر في الحجم. فنقول نعم يمكننا تصديق هذا ولكن ماهو البرهان على هذا؟ إذا كانت الحجة أنه يتم ذكر السماء في القرآن دائماً قبل الأرض، نعم قد يكون هذا صحيح ولكن لماذا لانقول أيضاً أنها تعني أن السماء فوق والأرض أسفل؟ قال الله: ( فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُو وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَر وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِین)، وكذلك في الأرض حياتنا الدنيا (وَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ)، فالأرض بكل طبقاتها هي السفلى (الدنيا) ولذلك تم تقديم السماء عليها، وهذا برهان لسبب التقديم. فأما قول أن تقديم السماء على الأرض في القرآن يعني أن السماء أعظم وأكبر، فتستطيع الرد بقول: إذا كان هذا صحيحاً فلماذا قدم الله خلق الأرض عن خلق السماء بل وخلقها في يومين وخلق أقواتها في أربع ثم خلق السماء وسقفها وكواكبها وشمسها وقمرها في يومين ؟
قال الله: (وَٱلسَّمَاۤءَ بَنَیۡنَـٰهَا بِأَیۡی۟د وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَـٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَـٰهِدُونَ (٤٨) وَمِن كُلِّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَیۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیر مُّبِین (٥٠) وَلَا تَجۡعَلُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیر مُّبِین (٥١)﴾ [الذاريات ٤٧-٥١] صدق الله العظيم
بنى الله السماء ومقابل هذا فرش الأرض. ثم قال عز وجل (وإنا لموسعون)، وهذا رزق السماء ففيها أرزاق العباد ومنها ينزل الغيث، ومقابل (إنا لموسعون)، يوجد لدينا (فنعم الماهدون)، فهذا يقابل رزق السماء فقد مهد لنا عز وجل الأرض وجعلها قابله للعيش فهي قرار لنا وثبت في الجبال كما تثبت الخيمة في الصحراء فجعلها رَوَاسِي وهذا لكي تثبت الأرض ولاتتحرك بنا. فمن رحمته عز وجل أمسك السماء ورفعها بدون عمد نراه لكي لاتقع على الأرض. فإذا وقعت فإنها تقع عليها كلها (ٱللَّهُ ٱلَّذِی رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَد تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُل یَجۡرِی لِأَجَل مُّسَمى یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ یُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاۤءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ)، وبهذا يخبرنا عز وجل أن السماء ثابته وكذلك الأرض (۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُمۡسِكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَىِٕن زَالَتَاۤ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَد مِّنۢ بَعۡدِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورا) صدق الله العظيم
ثم قال الله في سورة الذاريات بعد وصف الأرزاق والنعم للعباد في السماء والأرض : (وَمِن كُلِّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَیۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ )،فالسماء تقابلها الأرض وهم أزواج (أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقاً فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ)، فكيف تم تفسير أن الأرض صغيرة وليس عريضة؟
أما بالنسبة الى تفسير (وإنا لموسعون) صدق الله
قال السيوطي: قادرون بقوة
قال السعدي: رزق العباد ويحتمل قول واسعة في أنحائها وأرجائها
قال إبن كثير ناقلاً عن إبن عباس: بقوة وتختص ببناء سقف السماء
قال الله (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَادِرُونَ. وَقِيلَ: أَيْ وَإِنَّا لَذُو سَعَةٍ، وَبِخَلْقِهَا وَخَلْقِ غَيْرِهَا لَا يضيق علينا شي نُرِيدُهُ. وَقِيلَ: أَيْ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الرِّزْقَ عَلَى خَلْقِنَا. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. الْحَسَنُ: وَإِنَّا لَمُطِيقُونَ. وَعَنْهُ أَيْضًا: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الرِّزْقَ بِالْمَطَرِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَغْنَيْنَاكُمْ، دَلِيلُهُ: (عَلَى الْمُوسِعِ(١) قَدَرُهُ). وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: ذُو سَعَةٍ عَلَى خَلْقِنَا. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقِيلَ: جَعَلْنَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ سَعَةً
ولكن أين هذا العرض الموجود في الأرض؟ هذا العرض هو عرض الأرض الأولى مع الثانية وقد يشمل هذا الثالثة
فكيف يتم تكوين هذه السبع أراضين؟
الأرض الأولى هي الأرض التي نعيش عليها، وأسفلها الأرض الثانية وهذه الأرض أكبر وتظهر أنها على مستوى الأولى نظراً لإرتفاع منسوب الماء فيها ولعلو اليابسة فيها والتي تتشكل في قطع متجاورة وكذلك ينطبق على الثالثة وفي الثانية وقد يشمل هذا الثالثة، يعيش يأجوج ومأجوج وهم بشر مثلنا وأعدادهم أضعاف أضعاف أعداد سكان الأرض الأولى وستجد الإجابات لهذه الموضوعات في التدبرات الخاصة بذي القرنين ويأجوج ومأجوج وقصص الطباق
قال الله (أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقاً (١٥) وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِیهِنَّ نُورا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجاً (١٦) وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتاً (١٧) ثُمَّ یُعِیدُكُمۡ فِیهَا وَیُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجاً (١٨) وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطاً (١٩) لِّتَسۡلُكُوا۟ مِنۡهَا سُبُلاً فِجَاجاً (٢٠)﴾ [نوح ٥-٢٠] صدق الله العظيم
فالسموات طباقا ( خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقاً)، ويقابلها الأرض وهي بساطاً ( وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطاً)، أي السماء بالطول والأرض بالعرض واحدة عامودية والأخرى أفقية فالأزوج يتشابهون في أمور ويختلفون في أمور أخرى. ولكن بما أنهم أزواج فهذا لا يمنع وجود طبقات في الأرض كذلك ولكنها تميل للبسط وكذلك العكس ففي السماء بسط ولكن الطبقات فيها تبقى العنصر الظاهر. وقد يكون الفرق بينهما هو أن الأراضين متصلة والسموات منفصلة وبهذا وبالرسومات نكون بإذن الله قربنا الصورة لكم. وقال الله أن القمر موجود (فيهن) أي في السبع سموات وهذا دليل على أن القمر موجود في السموات وليس محصوراً فقط في السماء الدنيا. فلندقق في كلمات القرآن لمعرفة المعاني الصحيحة، فطباق يقابلها بساط ولا مجال بعد هذا ان تقول ان بساط تعني رزق
أما بالنسبة لقوله تعالى ( أَفَلَا یَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَیۡفَ خُلِقَتۡ (١٧) وَإِلَى ٱلسَّمَاۤءِ كَیۡفَ رُفِعَتۡ (١٨) وَإِلَى ٱلۡجِبَالِ كَیۡفَ نُصِبَتۡ (١٩) وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ)، فهل الأرض الأولى مسطحة؟ الجواب نعم فيقول الله ( یَنظُرُونَ) وكذلك ( خُلِقَتۡ)، فيريدك الله أن تنظر الى خلقه للأبل، ثم لم يذكر في الآية التي تليها ماذا يريدك أن تفعل، فيعود هذا الى ( یَنظُرُونَ) وكذلك ( خُلِقَتۡ) فيريدك الله ان تنظر في كيفية خلقه للسماء فرفعها بغير عَمَد نراه، ثم بعد هذا يريدك ان تنظر الى كيفية نصبه للجبال وكذلك تستطيح الأرض ، فالآيات تتحدث عن خلق الله فسبحان الله من استثنى الأرض من هذا وقال أن سطحت تعني رزق وتسخيرها للإنسان، أما بالنسبة لتسطحها لاينافي كرويتها فشرحنا هذا عدة مرات ولا برهان على هذا القول الا من عند أهل الكتب فقد نقلناه من مئات السنين
ثم ننتقل الى بقية الأراضين ولنقل كنوز الأرض الموجودة في الأرض الرابعة والخامسة والسادسة وهذا افتراض تقديري ونسأل الله ان يكون صحيح
قال الله ( وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا) صدق الله العظيم
ماهي الأثقال أي الكنوز ولماذا سميت أثقال؟
حدثنا ﻭاﺻﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ، ﻭﺃﺑﻮ ﻛﺮﻳﺐ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ – ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻮاﺻﻞ – ﻗﺎﻟﻮا: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻓﻀﻴﻞ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﺗﻘﻲء اﻷﺭﺽ ﺃﻓﻼﺫ ﻛﺒﺪﻫﺎ، ﺃﻣﺜﺎﻝ اﻷﺳﻄﻮاﻥ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻭاﻟﻔﻀﺔ، ﻓﻴﺠﻲء اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻓﻲ ﻫﺬا ﻗﺘﻠﺖ، ﻭﻳﺠﻲء اﻟﻘﺎﻃﻊ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻓﻲ ﻫﺬا ﻗﻄﻌﺖ ﺭﺣﻤﻲ، ﻭﻳﺠﻲء اﻟﺴﺎﺭﻕ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻓﻲ ﻫﺬا ﻗﻄﻌﺖ ﻳﺪﻱ، ﺛﻢ ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ – رواه مسلم وكذا الترمذي
ﺗﻘﻲء اﻷﺭﺽ ﺃﻓﻼﺫ ﻛﺒﺪﻫﺎ أي اﻷﻓﻼﺫ ﺟﻤﻊ ﻓﻠﺬ ﻛﻜﺘﻒ ﻭاﻟﻔﻠﺬ ﺟﻤﻊ ﻓﻠﺬﺓ ﻭﻫﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺪ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻃﻮﻻ ﻭﺧﺺ اﻟﻜﺒﺪ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻃﺎﻳﺐ اﻟﺠﺰﻭﺭ ﻭﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺪﻓﻮﻧﺔ ﻓﻴﻬﺎ (ﺃﻣﺜﺎﻝ اﻷﺳﻄﻮاﻥ) ﺟﻤﻊ ﺃﺳﻄﻮاﻧﺔ ﻭﻫﻲ اﻟﺴﺎﺭﻳﺔ ﻭاﻟﻌﻤﻮﺩ ﻭﺷﺒﻬﻪ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮاﻧﺔ ﻟﻌﻈﻤﻪ (ﻓﻲ ﻫﺬا) ﺃﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬا ﻭﺑﺴﺒﺒﻪ
وكلمة أثقال دليل على أن هذه الأراضين هي أساس المركز فكلما نزلنا الى أسفل كلما يكون الجذب الى هذا المركز
قال إبن تيمية: “ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ اﻷﻓﻼﻙ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮﺓ ﻭﺃﻥ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ اﻟﺴﻘﻒ ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﻭﺃﻥ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﺎﻃﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺟﻮﻓﻪ ﻭﻫﻮ ﻗﻌﺮ اﻷﺭﺽ ﻫﻮ ” ﺳﺠﻴﻦ ” ” ﻭﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ ” ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﻭﺑﻴﻦ ﺳﺠﻴﻦ ﻣﻊ ﺃﻥ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ: ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻮ ﻭاﻟﺴﻔﻞ ﺃﻭ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻌﺔ ﻭاﻟﻀﻴﻖ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ اﻟﻌﻠﻮ ﻣﺴﺘﻠﺰﻡ ﻟﻠﺴﻌﺔ ﻭاﻟﻀﻴﻖ ﻣﺴﺘﻠﺰﻡ ﻟﻠﺴﻔﻮﻝ ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻥ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻮﻕ اﻷﺭﺽ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﻗﻂ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮﺓ ﻣﺤﻴﻄﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﻼ ﻛﺎﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﻭﺃﺷﻤﻞ” ﻣﺠﻤﻮﻉ اﻟﻔﺘﺎﻭﻯ
الجزء 25: الفقه 5: الزكاة – الصوم
استدارة الأفلاك
صفحة -196
قال الله ( وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ) صدق الله العظيم
وتحت الأقدام أي الوجه السفلي للأرض الى أسفلين
وقال الله ( ثُمَّ رَدَدۡنَـٰهُ أَسۡفَلَ سَـٰفِلِینَ) صدق الله العظيم
وفي هذا تأكيد بمركزية الأرض وثباتها وأن الشمس تدور حولها كذلك
أما بمن قال أن الأرض تجري في فلك ويستشهد بقوله تعالى ( أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِیهَا فِجَاجاًً سُبُلا لَّعَلَّهُمۡ یَهۡتَدُونَ (٣١) وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ سَقۡفاً مَّحۡفُوظاً وَهُمۡ عَنۡ ءَایَـٰتِهَا مُعۡرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّ فِی فَلَك یَسۡبَحُونَ (٣٣)﴾ [الأنبياء ٣٠-٣٣] صدق الله العظيم
الآيات تفسر بعضها فهل ذكر الله أن الأرض تجري؟ لم يذكر الله في كل القرآن الكريم بأن الأرض تجري فقال عن الشمس والقمر ( خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ یُكَوِّرُ ٱلَّیۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَیُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّیۡلِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّ یَجۡرِی لِأَجَل مُّسَمًّىۗ أَلَا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ)، فهنا من يجري هم الشمس والقمر وكل تعود على الشمس والقمر ويتكرر تأكيد هذا في آيات أُخر . فالآن فتق الله السموات عن الأرض فهم متصلين في نظام محكم وكذلك مستقلين بما سخر الله فيهما لنا. فالنجوم تجري في السماء ( ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ)، وكذلك الشمس والقمر بجريان محسوب ( ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَان)، والجري في القرآن يختص بالماء أما الركض فيكون على الأرض ( ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَـٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِد وَشَرَاب) ، وقال الله ( أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقا (١٥) وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِیهِنَّ نُورا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجاً )، فنعلم أن القمر والشمس في السموات، وقال الله ( إِنَّا زَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِزِینَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ)، فنعلم أن الكواكب في السماء الدنيا، فاذا كان كلً من الشمس والقمر يجرون في فلك في السماء فأين تجري الأرض؟ هل تجري في السماء كذلك؟ بالتأكيد ان الأرض قرار وقرار عكس الجريان وبالتأكيد أن الأرض مفتوقة عن السموات
وبالإستشهاد من الآيات يظهر لنا أن الأرض كانت تعوم في الماء إسناداً لقوله تعالى ( أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقاً فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ)، تلي هذه الآية مباشرة قوله تعالى ( وَجَعَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِیهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمۡ یَهۡتَدُونَ)، فهنا تفيد الآية أن الأرض مثبته برواسي لكي لا تميد من هذا
فمن حكمة الله ورحمته، أن جعل بين تلك الجبال فجاجا سبلا، أي: طرقا سهلة لا حزنة، لعلهم يهتدون إلى الوصول، إلى مطالبهم من البلدان، ولعلهم يهتدون بالاستدلال بذلك على وحدانية المنان
قال الله ( خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَد تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلۡقَىٰ فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِیهَا مِن كُلِّ دَاۤبَّة وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَنۢبَتۡنَا فِیهَا مِن كُلِّ زَوۡج كَرِیمٍ) صدق الله العظيم
قال السعدي: فلولا الجبال الراسيات لمادت الأرض، ولما استقرت بساكنيها
وقال إبن كثير: يَعْنِي: الْجِبَالُ أَرْسَتِ الْأَرْضَ وَثَقَّلَتْهَا لِئَلَّا تَضْطَرِبُ بِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ؛ ولهذا قال: (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أي: لئلا تميد بكم
وتحدثنا عن العمد في تدبر منفصل وهذا رابطه
قالَ اْللّٰه(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ [الزمر : 5] صدق الله العظيم
هل ينطبق تكوير الليل والنهار على قبة السماء؟ الجواب نعم اذا كان الإصرار ثابت على قول أن التكوير لايتم الا على مجسم كروي فجو السماء هو المعني من كل هذا التكوير فكيف لنا عدم إعتباره من يتكور عليه الليل والنهار، هو بالفعل هذا مايحصل
ثانياً هل تم ذكر الأرض في آية التكوير أم هو تكوير الليل على النهار والنهار على الليل وليس الليل على الأرض وهكذا
ثالثاً هل تكوير من كوره؟ قال الله ( إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ)، فهل هذا يعني أنها ستصبح كوره يوم القيامة أم أنها تتلاشى
رابعاً هل يكمن حصول التكوير على مجسمات غير كروية، الجواب نعم
كان إبن حزم رحمه متأثر بالعلوم الخارجة عن الثقافة الإسلامية ولا نريد الدخول في تفاصيل هذا، ولكن أعطينا تفسير واضح يفسر بعض أقواله
وهذا عكس ما كان يقوله أبن تيمية فكان رحمة الله عليه يأخذ من العلماء مايتوافق مع الشرع ويعدل عليه وينتقد ما يتعارض مع العقل والنقل كوجود وجه سفلي للأرض. هو يقول أن علماء الهيئة اجمعوا على كروية الأرض وكذلك ذكر من قال بهذا من المسلمين ولكن نحن اليوم ترجمنا هذه الكروية على أنها كره الملاحدة المنافية للمنطق والغير صحيحة. فمثلاً اذا كان مقصد ابن تيمية هو القول بأن الأرض كره فعلاً ومتأثرة بالجاذبية الذي يحني مائها وهو كذلك يقول ان الأرض قرار وثابته وهي المركز، لما توافق هذا مع العلوم المفترضة حالياً. حيث أن حركة الأرض تحكم جاذبيتها وانحناء مائها وهذا لا يصح في نموذج إبن تيمية وخاصة بعد قوله : “ﻛﻤﺎ ﺃﻥ اﻷﻓﻼﻙ ﻣﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ، ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺣﺪ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﻔﻠﻚ ﺗﺤﺖ اﻵﺧﺮ، ﻭﻻ اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺗﺤﺖ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ، ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻫﻮ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﻨﺎ ﻓﻮﻕ اﻷﺭﺽ ﻭاﺭﺗﻔﺎﻋﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪﻩ ﻋﻦ ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﺜﻼ ﻛﺎﻥ اﺭﺗﻔﺎﻉ اﻟﻘﻄﺐ ﻋﻨﺪﻩ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺩﺭﺟﺔ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﺮﺽ اﻟﺒﻠﺪ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻮاﻧﺐ اﻷﺭﺽ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮﺓ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺑﻌﺾ ﻭﻻ ﺗﺤﺘﻪ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ اﻷﺭﺽ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻥ ﻭاﻟﻨﺒﺎﺕ ﻭاﻷﺛﻘﺎﻝ ﻻ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﺗﺤﺖ ﺃﻭﻟﺌﻚ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﺬا ﺧﻴﺎﻝ ﻳﺘﺨﻴﻠﻪ اﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻫﻮ ﺗﺤﺖ ﺇﺿﺎﻓﻲ؛ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻤﻠﺔ ﺗﻤﺸﻲ ﺗﺤﺖ ﺳﻘﻒ ﻓﺎﻟﺴﻘﻒ ﻓﻮﻗﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺟﻼﻫﺎ ﺗﺤﺎﺫﻳﻪ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻠﻖ ﻣﻨﻜﻮﺳﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺟﻼﻩ ﺗﻠﻲ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﻮﻫﻢ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻷﺭﺽ، ﺃﻭ اﻟﻔﻠﻚ ﺃﻥ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﺗﺤﺘﻪ، ﻭﻫﺬا ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺯﻉ ﻓﻴﻪ اﺛﻨﺎﻥ، ﻣﻤﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ اﻷﻓﻼﻙ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮﺓ. ﻭاﺳﺘﺪاﺭﺓ اﻷﻓﻼﻙ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻗﻮﻝ ﺃﻫﻞ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻭاﻟﺤﺴﺎﺏ ﻓﻬﻮ اﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﻨﺎﺩﻯ، ﻭﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ، ﻭﺃﺑﻮ اﻟﻔﺮﺝ ﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯﻱ ” فالأقطاب لديه على نفس المستوى وان كانت اليابسة الخاصة بالقطب الجنوبي أعلى من غيرها، وﻗﺎﻝ كذلك أن من أهل الهيئة بطليموس “ﻓﻠﻬﺬا ﻛﺎﻥ ﻗﺪﻣﺎء ﻋﻠﻤﺎء ” اﻟﻬﻴﺌﺔ ” ﻛﺒﻄﻠﻴﻤﻮﺱ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺠﺴﻄﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻟﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮا ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﺮﻑ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﻛﻮﺷﻴﺎﺭ اﻟﺪﻳﻠﻤﻲ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻭا اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺟﺎءﺕ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ اﻟﺮﺅﻳﺔ. ﻓﺄﺣﺒﻮا ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮا ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﺏ ” ﻣﺠﻤﻮﻉ اﻟﻔﺘﺎﻭﻯ
الجزء 9: المنطق
يطلق لفظ “الدرر ” على ثلاثة أنواع
صفحة -216
ومما يؤكد بطلان هذه الجاذبية التي تحني الماء، قول الشيخ ابن تيمية أن المركز في الأرض هو اسفلين فإليه يكون الجذب بمعنى انه اذا كانت الأرض هي الكره المزعومة لسقط كل شيء موجود في الوجه السفلي من الأرض سواء كان ماء أو بشر، فهم يقولون أن الأرض صغيرة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لنا ان صخرة سقطت الى قعر جهنم في سبعون خريف ، سواء السقوط كان من السماء أو سطح الأرض، فهذه مدة طويلة تفسر وجود جهنم، وان مركز الجذب أسفل هناك، وان الأرض كبيرة، وبغض النظر عن أقوال الشيخ فمن الممكن انه يتحمل غير هذا، لأنه سبق وأستشهد بقول الهيئة الذي يفيد بتقبب الماء، لنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ” قَالَ : قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ : ” هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا ، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا “. رواه مسلم
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ : ” هَذَا وَقَعَ فِي أَسْفَلِهَا فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا “. رواه مسلم
السلام عليكم
سنقراه ونعلق عليه بحول الله
LikeLiked by 1 person
[…] يفيد بأن شكل الأرض لأمر مثبت مفروغ منه، واذا سألنا عن مكان جهنم والسبع أراضين لوحدنا علامات الإستكبار أو الإستفهام لاثالث […]
LikeLike
[…] يقابل دحو الأرض تسوية السماء، والدحو كالكبس، يفيد بتسطح الأرض من جميع جهاتها وإرتفاع أطرافها مما يجعلها هابطة من المنتصف ومرتفعة من إرجائها مما يجعلها تأخذ شكل الوعاء الذي يحوي الماء فالأرض الأولى والتي قمة حوافها تمتد الى أن تتحدب فتصل للأرض التي تليها وهذه هي الأرض البيضاء التي تكون الفجوة بين الأرض الأولى والثانية […]
LikeLike
[…] الإنسان بالنسبة للسماء والأرض كما وضح لنا الله أن مركز الأرض أسفلها وأن الوجه الأسفل لايعيش عليه الإنسان بل هو سِجِّين […]
LikeLike
[…] وإخوتنا بخصوص خلق السموات والأرض، وتم التعليق على النموذج الأول وبأذن الله سنجيب على بعض الأسئلة والإستفسارات هنا كما […]
LikeLike
[…] شكل الأرض لأمر مثبت مفروغ منه، واذا سألنا عن مكان جهنم والسبع أراضين لوجدنا علامات الإستكبار أو الإستفهام لاثالث […]
LikeLike