بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُلُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡ وَٱشۡكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ) [البقرة ١٧٢] صدق الله العظيم
فالأصل في كل طيب أنه حلال والأنعام من الحلال وكلمة أنعام من النعمة التي أنعم الله بها على عباده
قال الله ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَوۡفُوا۟ بِٱلۡعُقُودِۚ أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِیمَةُ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ إِلَّا مَا یُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ غَیۡرَ مُحِلِّی ٱلصَّیۡدِ وَأَنتُمۡ حُرُمٌۗ إِنَّ ٱللَّهَ یَحۡكُمُ مَا یُرِیدُ) صدق الله العظيم
أي أُحلت لأجلكم بهائم الأنعام من من الإبل والبقر والغنم، بل ربما دخل في ذلك الوحشي منها، والظباء وحمر الوحش، ونحوها من الصيود، ولكم كذلك فيما حرمه الله لكم في الكتاب ( إِلَّا مَا یُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ)، ومثل ذلك قوله تعالى ( حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُوا۟ بِٱلۡأَزۡلَـٰمِۚ ذَ ٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡیَوۡمَ یَىِٕسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِیناً فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِف لِّإِثۡم فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِیم ) صدق الله العظيم
نختص في هذه المقالة الحديث عن اللحوم وماهي الشروط توافرها للحصول على لحوم شرعية سليمة ذات جودة عالية فأول الموانع أن تكون ميتة، أي ما فُقِدَت حياتُهُ بغير ذكاة شرعية، فإنها تحرم لضررها، وهو احتقان الدم في جوفها ولحمها المضر بآكلها. وكثيرا ما تموت بعلة تكون سببا لهلاكها، فتضر بالآكل. ويستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك، فإنه حلال
ثم قال تعالى (وَالدَّمَ ) أي: المسفوح، كما قيد في الآية الأخرى
قال الله (وَلَحْم الْخِنْزِيرِ ) وذلك شامل لجميع أجزائه، وإنما نص الله عليه من بين سائر الخبائث من السباع، لأن طائفة من أهل الكتاب من النصارى يزعمون أن الله أحله لهم. أي: فلا تغتروا بهم، بل هو محرم من جملة الخبائث
قال (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) أي: ذُكر عليه اسم غير الله تعالى، من الأصنام والأولياء والكواكب وغير ذلك من المخلوقين. فكما أن ذكر الله تعالى يطيب الذبيحة، فذكر اسم غيره عليها، يفيدها خبثا معنويا، لأنه شرك بالله تعالى
قال الله( وَالْمُنْخَنِقَةُ ) أي: الميتة بخنق، بيد أو حبل، أو إدخالها رأسها بشيء ضيق، فتعجز عن إخراجه حتى تموت
قال الله (وَالْمَوْقُوذَةُ ) أي: الميتة بسبب الضرب بعصا أو حصى أو خشبة، أو هدم شيء عليها، بقصد أو بغير قصد
قال الله ( وَالْمُتَرَدِّيَةُ ) أي: الساقطة من علو، كجبل أو جدار أو سطح ونحوه، فتموت بذلك
قال الله ( وَالنَّطِيحَةُ ) وهي التي تنطحها غيرها فتموت
قال الله (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ) من ذئب أو أسد أو نمر، أو من الطيور التي تفترس الصيود، فإنها إذا ماتت بسبب أكل السبع، فإنها لا تحل. وقوله: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ْ﴾ راجع لهذه المسائل، من منخنقة، وموقوذة، ومتردية، ونطيحة، وأكيلة سبع، إذا ذكيت وفيها حياة مستقرة لتتحقق الذكاة فيها، ولهذا قال الفقهاء: ﴿لو أبان السبع أو غيره حشوتها، أو قطع حلقومها، كان وجود حياتها كعدمه، لعدم فائدة الذكاة فيها ْ﴾ [وبعضهم لم يعتبر فيها إلا وجود الحياة فإذا ذكاها وفيها حياة حلت ولو كانت مبانة الحشوة وهو ظاهر الآية الكريمة] انتهى تفسير السعدي
قال إبن باز: إن كانت الذبيحة بقرة أو من المعز والغنم، يذبحها على جنبها يسدحها على جنبها الأيسر، ثم يضع رجله على رأسها ثم ينحرها، يجعل رجله على رقبتها ثم يمسك الرأس بيده ويذبحها الحلقوم والمريء، يقطع الحلقوم والمرئ والودجين، يعني العرقين المحيطين بالحلقوم والمريء، هذه السنة، ويضع رجله على صفحتها حتى يكون أسهل عليها من الاضطراب، ويكون الذبح بسكين حادة قوية بقوة، حتى لا يعذبها ويكون في الحلق، يقطع الحلقوم والمريء والودجين، هذا الكمال، وإن قطع الحلقوم والمرئ كفى، وإن قطع معهما أحد الودجين كفى، ولكن الأفضل أنه يقطع الحلقوم والمريء والودجين، وهو ماسك الرأس بيده اليسرى ويذبح باليمنى، ويضع رجله على صفحتها حتى لا تضطرب
وإن كان المذبوح بعيرًا يطعنه باللبة بالحربة في لبته، الذي بين الصدر والرقبة، اللبة في محل الطعن والذبح، ولو ذبحها مثلما يذبح البقرة أجزأ، لكن كونه مع اللبة أفضل، ويسمي الله عند الذبح، يقول: باسم الله والله أكبر عند الذبح، باسم الله والله أكبر هذا هو المشروع في الذبح
ويسمى الطعن في اللبة نحر، ويسمى قطع الحلقوم والمريء بالسكين يسمى ذبح، ويكون الأفضل مستقبل القبلة، يوجهها إلى القبلة. انتهى قول الشيخ
ولو تساءلنا عن سرّ هذه الطريقة نجد الإجابات تتجلى واضحة فيما كشفته أبحاث الطب الحديث. فقد تبين أن الحيوان المذبوح بهذه الطريقة يكون خالياً من الجراثيم والميكروبات، ويكون أكثر أماناً للتناول. فالعلماء يؤكدون اليوم بأن الحيوان عندما يُفصل رأسه عن جسده بشكل كامل ومفاجئ، فإن هذه العملية لا تسمح إلا لكمية دم محدودة بالخروج خارج الجسم، وتبقى كمية من الدم في داخله
ولكن ما هو ضرر هذا الدم؟ إن العلماء وجدوا باختباراتهم أن الدم هو أفضل بيئة لنمو الجراثيم، وعندما يكون هذا الدم متواجداً في جسد الحيوان المذبوح فإنه يؤدي إلى تراكم الجراثيم وتكاثرها بشكل لا يمكن إزالته حتى بعد الطبخ، لأن حرارة النار المستخدمة في الطهي قد لا تدخل إلى جميع جزيئات اللحم المطبوخ، وقد يظل جزءاً منها نيئاً وهنا تكمن الخطورة. ولذلك فإن الإسلام قد عالج أي احتمال للتعرض لهذه الجراثيم
وقد اعترض بعض الملحدين على طريقة المسلمين في ذبح الحيوانات بأنهم يتسببوا في تعذيب هذه الحيوانات وتركها تتألم، وأنه يجب فصل كامل الرأس عن جسد الحيوان. ولكن الحقيقة العلمية أن الألم عند الحيوان المذبوح لا يستمر لأكثر من ثوان قليلة، لأن جميع أجهزة الجسم تكون منشغلة في إمداد الدماغ بالدم
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ اﻷﺣﻤﺮ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻄﻔﻴﻞ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﺸﻲء ﺃﺳﺮﻩ ﺇﻟﻴﻚ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺃﺳﺮ ﺇﻟﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﻛﺘﻤﻪ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻟﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﺑﺢ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺁﻭﻯ ﻣﺤﺪﺛﺎ، ﻭﻟﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻟﻌﻦ ﻭاﻟﺪﻳﻪ، ﻭﻟﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﺭ» رواه مسلم
قال الله ( لِّیَشۡهَدُوا۟ مَنَـٰفِعَ لَهُمۡ وَیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِیۤ أَیَّام مَّعۡلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِۖ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡبَاۤىِٕسَ ٱلۡفَقِیرَ) صدق الله العظيم
فنعلم من هذا أن الدين الإسلامي هو دين الحق، دين المشاركة، دين المساواة، ودين المودة والرحمة فالأنعام نعمة من الله، فيقول الله لنا أطعموا البائس والفقير من مارزقتكم يا عباد وهذا الأساس في كيفية التعامل مع الأنعام
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ “. وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : ” ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ “. فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا، وَحَشَمًا، وَخَدَمًا، فَقَالَ : ” كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَاحْبِسُوا “، أَوِ ” ادَّخِرُوا “. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : شَكَّ عَبْدُ الْأَعْلَ. رواه مسلم
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ : أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ ؟ قَالَتْ : مَا فَعَلَهُ إِلَّا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِيُّ الْفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قِيلَ : مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ ؟ فَضَحِكَتْ، قَالَتْ : مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ بِهَذَا . رواه البخاري
ماهي الفوائد التي نأخذها من الحديثين الصحيحين بخصوص الأضاحي وتخزين الطعام؟
أولاً: قيل أن في أحد الحديثين نسخ للآخر. نقول لماذا؟ أحد الحديثين فيه شرط لم يقع في الثاني والشرط هو العام الذي جاع فيه الناس، فإذا وقع هذا الشرط في زمننا، فيستلزم أن لا نأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، غير هذا فيقع كما في الحديث الثاني ( وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قِيلَ : مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ ؟ فَضَحِكَتْ، قَالَتْ : مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ) انتهى
ثانياً: أن تخزين اللحم لايكون لمدة طويلة. وسيقول أحدهم انه لم تتوفر في القدم التقنيات الموجودة اليوم، فلا توجد لديهم ثلاجات تحفظ اللحم من البكتيريا. نقول أنه توجد في القدم حافظات تعمل على حفظ اللحم وتخزينه في درجة حرارة مناسبة ومثالها الفخار الموضح ادناه، وهذا مايزال إستخدامه سائد في بعض الدول الفقيرة، وكذلك يتم وضع بعض التوابل التي تقي اللحم من البكتيريا، فتخزين الكراع أي الساق لمدة خمسة عشر يوم دليل على وجود مايحفظ الطعام من البكتيريا ولكن ليس لمدة طويلة كما هو في ثلاجات اليوم فيتم تخزين اللحم فيها لأكثر من ٦ شهور بسلامة. ولكن هذه السلامة محصورة في منع وصول البكتيريا للحم فقط، ونقول انه توجد عوامل كثيرة قد لانعلم عنها ناتجة عن هذا التخزين الطويل فشهدنا أن الطعم يتغير، وشهدنا أن للفريون أضرار كثيرة قد تؤثر على جودة الطعام، وشهدنا ان تجمد الدم لمدة طويلة قد يساعد على تكوين السموم. العبرة: لنحاول عدم تخزين اللحم لهذه الفترات الطويلة ولنقل أن ثلاث أسابيع هي المدة القصوى وهذا أمر شخصي أستفتيت قلبي وعقلي فيه
ثالثاً: الإسراف في الأكل سبب رئيسي لتفشي الأمراض وزوال البركة
قال الله ( یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِد وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ﴾ [الأعراف ٣١] صدق الله العظيم
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ الْحِمْصِيُّ ، وَحَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ ، عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ “. رواه الترمذي
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ ، فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ الشَّعِيرِ. رواه البخاري
فهذا رسولنا الكريم وهو مثلنا الأعلى في كل شيء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَى قُبِضَ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : أَحِبُّوا الْمَسَاكِينَ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : ” اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا ، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ “. رواه ابن ماجه
حكم الحديث: صحيح
فأراد صلى الله عليه وسلم بذلك إظهار تواضعه وافتقاره إلى ربه إرشاداً لأمته إلى استشعار التواضع والاحتراز عن الكبر والنخوة، وأراد بذلك التنبيه على علو درجات المساكين وقربهم من الله تعالى، قال الطيبي ـ رحمه الله ـ لكن لم يسأل مسكنة ترجع للقلة، بل للإخبات والتواضع والخشوع
ويقول عمر ـ رضي الله عنه : فدخلت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على حصير فجلست ، فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره ، وإذا الحصير قد أثر في جنبه ، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرظا في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق .. قال : فابتدرت عيناي ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟! ، قلت : يا نبي الله وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك ، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى ، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصفوته وهذه خزانتك ؟! ، فقال : يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ، قلت بلى . رواه مسلم
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : جلس جبريل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنظر إلى السماء ، فإذا ملَك ينزل ، فقال له جبريل : هذا الملك ما نزل منذ خُلِق قبل الساعة ، فلما نزل قال : يا محمد أرسلني إليك ربك : أملِكا أجعلك أمْ عبدا رسولا ؟ ، قال له جبريل : تواضع لربك يا محمد ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : بل عبدا رسولا . رواه أحمد غيره وإسناده صحيح على شرط الشيخين
فلننظر فيما أختاره رسولنا الكريم لنفسه من هذه الحياة الدنيا ولنراجع أنفسنا. رسولنا الكريم هو قدوتنا في كل شيء. في الصغيرة والكبيرة وديننا هو المفتاح لجميع الأمور
قال الله ( لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرا) صدق الله العظيم
وهذا الدين يأمر كذلك بالتعقل والتفكر فجعل لنا باب التصرف في أمور دنيانا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث التالي
أخرج مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا ” تمرا رديئا” فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم. كما ذكره ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه وغيرهم بروايات مختلفة
وبهذا وخاصة في موضوع الأنعام واللحوم، يتوجب علينا البحث والتنقيب بعد معرفة رأي الشرع الذي ذكرناه في هذه الدراسة
وفي الأخير هذا هو دين الإسلام، يكرم الفقير ويحث على المساواة والعطاء وجبر الخواطر والعبادة الخالصة لله
وفي ذلك يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، وَلَقَدْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِه فَقَالَ: يَا قَوْمُ أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَقْرَ. رواه مسلم
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : ” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا “. وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. رواه البخاري
قال الله ( وَٱلۡأَنۡعَـٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِیهَا دِفۡء وَمَنَـٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ) صدق الله العظيم
الأنعام جمع نعمٍ، والنعم قال الراغب: وتسميته بذلك يكون الإبل عندهم أعظم نعمةٍ. ثم قال: لكن الأنعام تقال للإبل والبقر والغنم. ولا يقال لها أنعام حتى يكون فيها إبل. وقال في قوله تعالى: (مما يأكل الناس والأنعام) [يونس: ٢٤] إن الأنعام هاهنا عام في الإبل وغيرها. وقال أبو عبيد الهروي: «وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه» معنى الأنعام النعم والنعم، يذكر ويؤنث. ثم قال: الأنعام: المواشي من الإبل والبقرة والغنم
قال الله ( ٱلۡیَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتُۖ وَطَعَامُ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ حِلّ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّ لَّهُمۡۖ وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ إِذَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحۡصِنِینَ غَیۡرَ مُسَـٰفِحِینَ وَلَا مُتَّخِذِیۤ أَخۡدَان وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلۡإِیمَـٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ﴾ [المائدة ٥] صدق الله العظيم
وهنا نعلم أن ذبائح أهل الكتاب من يهود ونصارى حلال لنا وذلك لأنهم أهل شرع تابع للأنبياء والرسل فيعلمون عن الخبيث والطيب ويعلمون أن الذبح لله ويعلمون عن طرق الذبح، ولكن إن لم تتوفر هذه الشروط فمثلاً تجدهم يستخدمون الصعق الكهربائي من دون تسمية فهذا يتوجب تركه
قال عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ رضي الله عنه: فَإنَّهُ قالَ: لا تَحِلُّ ذَبائِحُ نَصارى تَغْلِبَ، وقالَ: إنَّهم لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنَ النَّصْرانِيَّةِ بِشَيْءٍ سِوى شُرْبِ الخَمْرِ. وقالَ القُرْطُبِيُّ: هَذا قَوْلُ الشّافِعِيِّ، ورَوى الرَّبِيعُ عَنِ الشّافِعِيِّ: لا خَيْرَ في ذَبائِحِ نَصارى العَرَبِ مِن تَغْلِبَ. وعَنِ الشّافِعِيِّ: مَن كانَ مِن أهْلِ الكِتابِ قَبْلَ البَعْثَةِ المُحَمَّدِيَّةِ فَهو مِن أهْلِ الكِتابِ، ومَن دَخَلَ في دِينِ أهْلِ الكِتابِ بَعْدَ نُزُولِ القُرْآنِ فَلا يُقْبَلُ مِنهُ إلّا الإسْلامُ، ولا تُقْبَلُ مِنهُ الجِزْيَةُ، أيْ كالمُشْرِكِينَ.
وأمّا المَجُوسُ فَلَيْسُوا أهْلَ كِتابٍ بِالإجْماعِ، فَلا تُؤْكَلُ ذَبائِحُهم، وشَذَّ مَن جَعَلَهم أهْلَ كِتابٍ. وأمّا المُشْرِكُونَ وعَبَدَةُ الأوْثانِ فَلَيْسُوا مِن أهْلِ الكِتابِ دُونَ خِلافٍ
ثبت في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن قوماً قالوا يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم ، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سموا أنتم وكلوا ) . قالت : وكانوا حديثي عهد بكفر
قال الله ( ثَمَـٰنِیَةَ أَزۡوَ ٰج مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَیۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَیۡنِۗ قُلۡ ءَاۤلذَّكَرَیۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَیَیۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَیۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۖ نَبِّـُٔونِی بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ (١٤٣) وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَیۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَیۡنِۗ قُلۡ ءَاۤلذَّكَرَیۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَیَیۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَیۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِّیُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَیۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (١٤٤)﴾ [الأنعام ١٤٣-١٤٤] صدق الله العظيم
وهذه الأنعام التي امتن الله بها على عباده، وجعلها كلها حلالا طيبا، فصلها بأنها: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) ذكر وأنثى (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) كذلك، فهذه أربعة، كلها داخلة فيما أحل الله، لا فرق بين شيء منها، فقل لهؤلاء المتكلفين، الذين يحرمون منها شيئا دون شيء، أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور
ثم ذكر في الإبل والبقر مثل ذلك. فلما بين بطلان قولهم وفساده، قال لهم قولًا لا حيلة لهم في الخروج من تبعته، إلا في اتباع شرع الله
حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي، قَالَ : وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ، فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا، وَأَهْرِقُوهَا. قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى : فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ . رواه البخاري
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ كَانَ أَحَبَّ الْعُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرَاقُ الشَّاةِ. رواه ابو داوود
وبعد التفكر في قصة أصحاب البقرة، لنأخذ بعض العبر الموجودة فيها لإختيارنا للبقر للأكل. أنظر الى المزارع الكبيرة، جودة الإعتناء بالابقار فيها لايكون مثل الجودة في المزارع الصغيرة. فالمزارع الصغيرة دائما تكون الجودة فيها أفضل. ولعلك تقول أن المزارع الكبيرة مزودة بالآلات الحديثة فكيف لاتكون أفضل؟ طبعا بجهل الإنسان فان ترك الأمور على الفطرة وعلى ماصنعه الله دائما يعطي نتائج أفضل. فحبس البقر في سجون وإعطائة هرمونات، وتسييرة في آليات يؤدي الى نتائج غير جيدة. فالبقرة الواحدة من الرجل الفقير لها قيمة أعلى من كل البقر الموجود
ثم حدد لنا الله عمر البقر وأي نوع يصلح للأكل وفي المزارع الكبيرة يصعب لنا الإختيار كذلك
يقال ان لبن البقر مضر. الفكرة لاتكمن في هذا، بل السؤال من أين تم الحصول على اللبن. لبن من مزارع كبيرة يتم فيها إعطاء البقر مواد مدرة وهرمونات واستخدام الحلب الالكتروني، هذا بينتج عنه سم لانه قد يكون فيه نسبة دم كبيرة ولكي يصبح لونه مقبول، يضاف له مواد معالجة، ثم تضاف اليه المواد الحافظة وهذا مشروع آخر. بينما أخذ اللبن من شخص فقير كل راس ماله بقرة، يحلب لك يدويا، وينظف اللبن بالتسخين فقط، ستجد فرق كبير، و لون اللبن الطبيعي اصفر فكيف أصبح ابيض ؟
قال الله : ﴿وَإِنَّ لَكُمۡ فِی ٱلۡأَنۡعَـٰمِ لَعِبۡرَة نُّسۡقِیكُم مِّمَّا فِی بُطُونِهِۦ مِنۢ بَیۡنِ فَرۡث وَدَم لَّبَنًا خَالِص سَاۤىِٕغ لِّلشَّـٰرِبِینَ﴾ [النحل: ٦٦] صدق الله العظيم
وفي قوله ( وإن لكم في الأنعام لعبرة) اعتبار ﴿نسقيكم﴾ بيان للعبرة ﴿مما في بطونه﴾ أي الأنعام ﴿من﴾ للابتداء متعلقة بنسقيكم ﴿بين فرث﴾ ثفل الكرش ﴿ودمٍ لبناً خالصاً﴾ لا يشوبه شيء من الفرث والدم من طعم أو ريح أو لون أو بينهما ﴿سائغاًً للشاربين﴾ سهل المرور في حلقهم لا يغص به.
ففطرة الله تعطيك اللبن من دون خلطه بالدم، وإستعمال الآلات ماهي الا سبب لتغيير هذة الفطرة ولك أن تبحث في هذا لتجد الحقيقة
قال الله ( كُلُوا۟ وَٱرۡعَوۡا۟ أَنۡعَـٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰت لِّأُو۟لِی ٱلنُّهَىٰ) صدق الله العظيم
ألا ترى أن الله كذلك يحثنا على رعاية الأنعام؟ ففي هذا الزمن، لا يكفي أن تأكل فقط، بل يتوجب عليك ان ترعى وتزرع كذلك اذا كنت تريد الحصول على لحم سليم وبالتالي صحة سليمة. ويسقط عنا هذا اذا وجدنا من نثق فيه ولكن نشير هنا الى ضرورة الحث على هذه المهنة بحيث أن وجود المزارع المزارع الصغيرة أفضل من وجود مزرعة واحدة كبيرة وذلك حفاظاً على الجودة والسلامة