معنى كلمة أرض
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله ( فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُو وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَر وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِین) صدق الله العظيم
لماذا قال الله ( وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَر وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِین)، ولم يُذكر الماء هنا على الرغم أن أغلب الأرض ماء؟
الماء عنصر ومنه جعل الله كل شيء حي، فإذا قلنا ماء، نذكر كذلك النار والطين وقد يشمل هذا الهواء، فلا يصح ان يكون الماء إسم للأرض، وإلا كانت السماء أولى أن تسمى بالماء
فهذه العناصر وغيرها هي أحد المكونات الأساسية التي تكونت منها السموات والأرض، وسائر المخلوقات بإذن الله
قال الله ( وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِین)، وهذا لا يمنع أنه كذلك مخلوق من ماء (وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ)، وكذلك جعل فيه الروح التي لانعلم عنها شيء ( وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلا) صدق الله العظيم
وبهذا نفيد أن المعرفة البشرية مازالت وستزال قاصرة في العلم، ولا يعلم الإنسان الا الظاهر له في خلق الله، وبالفعل، إذا نظر الإنسان الى نفسه، لوجد أن العلم لم يكشف عن الإنسان إلا القليل
ولكن كذلك يحثنا كلام الله على التفكر في مخلوقاته ( ٱلَّذِینَ یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِیَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَیَتَفَكَّرُونَ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلاً سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ) صدق الله العظيم
والتفكر هنا وخاصة فيما يخص الأمور التي تغيب عن ناظرنا تقتضي التأمل في ما وصفه الله في كتابه بعد الإيمان المطلق بكلام الله دون إضافات أو القول أن المقصود هو كذا أو كذا وبهذا يدخل الإنسان في عالم الظنون. القرآن لا يفسره إلا القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الأخذ بمنطلق اللغة العربية
فالتفكر لا يعني التعقل وخاصة في خلق السموات والأرض. فلا مكان للدليل العقلي عن الحديث عن السموات والأرض. قال الله ( لَخَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ) صدق الله العظيم
بينما التعقل ينطبق على مخلوقات أخرى كالشمس والقمر وفي التعقل الترجيح والقرار والإستنتاج ( وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَ ٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰت لِّقَوۡم یَعۡقِلُونَ) صدق الله العظيم
وفي هذا السياق، نعلم أن الله يحثنا هنا على علم نافع وذلك من كلمة ( یَعۡقِلُونَ)، ودليل هذا قوله تعالى ( هُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِیَاۤءࣰ وَٱلۡقَمَرَ نُورا وَقَدَّرَهُۥ مَنَازِلَ لِتَعۡلَمُوا۟ عَدَدَ ٱلسِّنِینَ وَٱلۡحِسَابَۚ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذَ ٰلِكَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ یُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡم یَعۡلَمُونَ) صدق الله العظيم
فسلمنا أن خلق السموات والأرض يقتضي الإيمان المطلق بكلام الله دون غيره فقال الله ( ۞ مَّاۤ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّینَ عَضُدا) صدق الله العظيم
فماهي الأرض؟ وفي هذا التدبر رد لمن يزعم أن الله يقصد جزء من الأرض عندما يتم ذكر الأرض في القرآن الكريم
الأرض في منتخب صحاح الجوهري، الصفحة ٦٢ قال: [ﺃﺭﺽ] ﻷﺭﺽ ﻣﺆﻧﺜﺔ، ﻭﻫﻲ اﺳﻢ ﺟﻨﺲ. ﻭاﻟﺠﻤﻊ ﺃﺭﺿﺎﺕ ﻭﺃﺭﺿﻮﻥ. ﻭﻗﺪ ﺗﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻭﺽ. ﻭاﻷﺭاﺿﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻗﻴﺎﺱ. ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻔﻞ ﻓﻬﻮ ﺃﺭﺽ ﻭﺃﺭﺽ ﺃﺭﻳﻀﺔ، ﺃﻱ ﺯﻛﻴﺔ، ﺑﻴﻨﺔ اﻷﺭاﺿﺔ ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺿﺖ ﺑﺎﻟﻀﻢ، ﺃﻱ ﺯﻛﺖ. ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ: ﻧﺰﻟﻨﺎ ﺃﺭﺿﺎ ﺃﺭﻳﻀﺔ، ﺃﻱ ﻣﻌﺠﺒﺔ ﻟﻠﻌﻴﻦ. ﻭﻳﻘﺎﻟﻚ ﻻ ﺃﺭﺽ ﻟﻚ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﻻ ﺃﻡ ﻟﻚ. ﻭاﻷﺭﺽ: ﺃﺳﻔﻞ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺪاﺑﺔ: ﻗﺎﻝ ﺣﻤﻴﺪ ﻳﺼﻒ ﻓﺮﺳﺎ: ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻠﺐ ﺃﺭﺿﻬﺎ اﻟﺒﻴﻄﺎﺭ ﻭاﻷﺭﺽ: اﻟﻨﻔﻀﺔ ﻭاﻟﺮﻋﺪﺓ. ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ اﻟﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻗﺪ ﺯﻟﺰﻟﺖ اﻷﺭﺽ: ﺃﺯﻟﺰﻟﺖ اﻷﺭﺽ ﺃﻡ ﺑﻲ ﺃﺭﺽ. ﻭاﻷﺭﺽ: اﻟﺰﻛﺎﻡ. ﻭﻗﺪ ﺁﺭﺿﻪ اﻟﻠﻪ ﺇﻳﺮاﺿﺎ ﺃﻱ ﺃﺯﻛﻤﻪ، ﻓﻬﻮ ﻣﺄﺭﻭﺽ. ﻭﻓﺴﻴﻞ ﻣﺴﺘﺄﺭﺽ، ﻭﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﺘﺄﺭﺿﺔ، ﺑﻜﺴﺮ اﻟﺮاء، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﺮﻕ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ. ﻓﺄﻣﺎ ﺇﺫا ﻧﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﺬﻉ اﻟﻨﺨﻞ ﻓﻬﻮ اﻟﺮاﻛﺐ. ﻭاﻹﺭاﺽ، ﺑﺎﻟﻜﺴﺮ: ﺑﺴﺎﻁ ﺿﺨﻢ ﻣﻦ ﺻﻮﻑ ﺃﻭ ﻭﺑﺮ. ﻭﺭﺟﻞ ﺃﺭﻳﺾ، ﺃﻱ ﻣﺘﻮاﺿﻊ ﺧﻠﻴﻖ ﻟﻠﺨﻴﺮ. ﻗﺎﻝ اﻷﺻﻤﻌﻲ: ﻳﻘﺎﻝ ﻫﻮ ﺁﺭﺿﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ، ﺃﻱ ﺃﺧﻠﻘﻬﻢ. ﻭﺷﻲء ﻋﺮﻳﺾ ﺃﺭﻳﺾ، ﺇﺗﺒﺎﻉ ﻟﻪ. ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻔﺮﺩﻩ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﺟﺪﻱ ﺃﺭﻳﺾ، ﺃﻱ ﺳﻤﻴﻦ. ﻭﺃﺭﺿﺖ اﻟﺨﺸﺒﺔ ﺗﺆﺭﺽ ﺃﺭﺿﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﻜﻴﻦ، ﻓﻬﻲ ﻣﺄﺭﻭﺿﺔ، ﺇﺫا ﺃﻛﻠﺘﻬﺎ اﻷﺭﺿﺔ ﻭاﻟﻤﺄﺭﻭﺽ اﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻙ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺟﺴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻋﻤﺪ. ﻭﺃﺭﺿﺖ اﻟﻘﺮﺣﺔ ﺗﺄﺭﺽ ﺃﺭﺿﺎ، ﺃﻱ ﻣﺠﻠﺖ ﻭﻓﺴﺪﺕ ﺑﺎﻟﻤﺪﺓ. ﻭﺗﺄﺭﺽ اﻟﻨﺒﺖ، ﺇﺫا ﺃﻣﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﺰ. ﻭﺟﺎء ﻓﻼﻥ ﻳﺘﺄﺭﺽ ﺇﻟﻲ، ﺃﻱ ﻳﺘﺼﺪﻯ ﻭﻳﺘﻌﺮﺽ. ﻭاﻟﺘﺄﺭﺽ ﺃﻳﻀﺎ: اﻟﺘﺜﺎﻗﻞ ﺇﻟﻰ اﻷﺭﺽ. ﻗﺎﻝ اﻟﺮاﺟﺰ: ﻓﻘﺎﻡ ﻋﺠﻼﻥ ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺭﺿﺎ ﺃﻱ ﻣﺎ ﺗﻠﺒﺚ
وأرض في معاجم اللغة هي الطينة الواحدة كذلك
ففي صحاح اللغة: الوَحْدَةُ: الانفرادُ. تقول: رأيته وحدَه. وهو منصوبٌ عند أهل الكوفة على الظرف، وعند أهل البصرة على المصدر في كل حال. ولا يضاف إلا في قولهم: فلانٌ نسيجُ وحدِهِ، وهو مدحٌ. وجُحَيْشُ وحدِهِ وعُيَيْرُ وحدِهِ، وهما ذمٌّ. والواحِدُ: أوَّلُ العددِ، والجمع وُحْدانٌ وأُحْدانٌ. قال الفراء: يقال أنتم حيٌّ واحدٌ وحي واحِدونَ، كما يقال: شِرْذِمَةٌ قليلون
و الطينُ معروف، والطينَةُ أخصُّ منه. وطَيَّنْتُ السَطح، وبعضهم ينكره ويقول: طِنْتُ السطح فهو مَطينٌ. وأنشد: فأبْقَى باطِلي والجِدُّ منها كدُكَّانِ الدَرابِنَةِ المَطينِ والطينَةُ: الخِلْقَةُ والجِبِلَّة. يقال: فلانُ من الطينة الأولى. وطانَ فلان كتابَه: ختَمه بالطينِ. ابن السكيت: طانَهُ الله على الخيرِ وطامَهُ، أي جَبَله عليه
ومن القرآن الكريم ثم من المعاجم يمكننا معرفة أن الأرض من السفل وفيها ( ثُمَّ رَدَدۡنَـٰهُ أَسۡفَلَ سَـٰفِلِینَ)، وكذلك أنها أسفل السماء ( قَالَ ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُو وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَر وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِین)، وكذلك أنه مستقر، والمستقر يقتضي انه مكان صالح للسكنى، فيكون ممهد وثابت لكي يصلح للعيش ( أَمَّن جَعَلَ ٱلۡأَرۡضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَـٰلَهَاۤ أَنۡهَـٰراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَ ٰسِیَ وَجَعَلَ بَیۡنَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ حَاجِزًاۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ) صدق الله العظيم
فعند ذكر كلمة قرار، ماهو المقصود بالمعنى؟ هل يصح أن نفترض ونقول أن المقصود كذا وكذا؟ أم نؤمن بما قاله الله ونأخذ بقوله تعالى ( قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَاداً لِّكَلِمَـٰتِ رَبِّی لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـٰتُ رَبِّی وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَداً ) صدق الله العظيم
فنقول قرار من الإستقرار والثبات وهذا قول أكثر اهل العلم، وإن سأل سائل ما تفسير هذا من القرآن، نقول: قال الله ( أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِیهَا فِجَاجاًً سُبُلا لَّعَلَّهُمۡ یَهۡتَدُونَ (٣١) وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ سَقۡفاً مَّحۡفُوظاً وَهُمۡ عَنۡ ءَایَـٰتِهَا مُعۡرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّ فِی فَلَك یَسۡبَحُونَ (٣٣)﴾ [الأنبياء ٣٠-٣٣] صدق الله العظيم
الآيات تفسر بعضها فهل ذكر الله أن الأرض تجري؟ لم يذكر الله في كل القرآن الكريم بأن الأرض تجري فقال عن الشمس والقمر ( خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ یُكَوِّرُ ٱلَّیۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَیُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّیۡلِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّ یَجۡرِی لِأَجَل مُّسَمًّىۗ أَلَا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ)، فهنا من يجري هم الشمس والقمر وكل تعود على الشمس والقمر ويتكرر تأكيد هذا في آيات أُخر . فالآن فتق الله السموات عن الأرض فهم متصلين في نظام محكم وكذلك مستقلين بما سخر الله فيهما لنا. فالنجوم تجري في السماء ( ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ)، وكذلك الشمس والقمر بجريان محسوب ( ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَان)، والجري في القرآن يختص بالماء أما الركض فيكون على الأرض ( ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَـٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِد وَشَرَاب) ، وقال الله ( أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقا (١٥) وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِیهِنَّ نُورا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجاً )، فنعلم أن القمر والشمس في السموات، وقال الله ( إِنَّا زَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِزِینَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ)، فنعلم أن الكواكب في السماء الدنيا، فاذا كان كلً من الشمس والقمر يجرون في فلك في السماء فأين تجري الأرض؟ هل تجري في السماء كذلك؟ بالتأكيد ان الأرض قرار وقرار عكس الجريان وبالتأكيد أن الأرض مفتوقة عن السموات
وبالإستشهاد من الآيات يظهر لنا أن الأرض كانت تعوم في الماء إسناداً لقوله تعالى ( أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقاً فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ)، تلي هذه الآية مباشرة قوله تعالى ( وَجَعَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِیهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمۡ یَهۡتَدُونَ)، فهنا تفيد الآية أن الأرض مثبته برواسي لكي لا تميد من هذا
فمن حكمة الله ورحمته، أن جعل بين تلك الجبال فجاجا سبلا، أي: طرقا سهلة لا حزنة، لعلهم يهتدون إلى الوصول، إلى مطالبهم من البلدان، ولعلهم يهتدون بالاستدلال بذلك على وحدانية المنان
قال الله ( خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَد تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلۡقَىٰ فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِیهَا مِن كُلِّ دَاۤبَّة وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَنۢبَتۡنَا فِیهَا مِن كُلِّ زَوۡج كَرِیمٍ) صدق الله العظيم
قال السعدي: فلولا الجبال الراسيات لمادت الأرض، ولما استقرت بساكنيها
وقال إبن كثير: يَعْنِي: الْجِبَالُ أَرْسَتِ الْأَرْضَ وَثَقَّلَتْهَا لِئَلَّا تَضْطَرِبُ بِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ؛ ولهذا قال: (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أي: لئلا تميد بكم
وقال ابن جرير الطبري: وجعل على ظهر الأرض رواسي، وهي ثوابت الجبال أن تميد بكم أن لا تميد بكم. يقول: أن لا تضطرب بكم، ولا تتحرّك يمنة ولا يسرة، ولكن تستقرّ بكم
وقال السيوطي تميد أي تتحرك
وقال الأصفهاني المَيْدُ: اضطرابُ الشيء العظيم كاضطراب الأرض
وفي الصحاح : ماد الشئ يميد ميدا: تحرَّك
ولاشك ان الميد يكون في الماء كما ظهر هذا لغوياً الفيروز آبادي فقال :ماج البحرُ مَوْجًا: اضطَرَب
وتموّج تموُّجًا. والمَوْج: ما يرتفع من غوارب الماءِ، قال تعالى: {يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} صدق الله العظيم
ماد يميد مَيْدَا وَميَدَانًا: تحرّك بشدّة، ومنه قوله تعالى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أَى تضطرب بكم وتدور بكم وتحرّككم حركة شديدة. يقال: مادت الأَرض إِذا تمايلت. وفى الحديث: “المائد فى البحر الذى يصيبه القىءُ له أَجر شهيد، وللغرقِ أَجر شهيدين”، المائد الَّذِى يصيبه الدُّوار. والمَيْدَى كحَيْرَى: الجماعة منهم. وماد الرّجل: تبختر
وفي فقه اللغة ﻭﺳﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، الباب التاسع عشر: في الحركات والأشكال والهيئات وضروب الرمي والضرب صفحة -132: ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﺎﺭ ﻟﻬﺐ. ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻬﻮاء ﺭﻳﺢ. ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻤﺎء ﻣﻮﺝ. ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺭﺽ ﺯ ﻟﺰﻟﺔ
فلا تتحرك الأرض إلا بزلزلة وهذا يخالف العلم الحالي صريحاً
وكذلك علمنا أن للأرض سطح ( وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ)، وكذلك أنها اراضين مدحوة ( ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰت وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ یَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَیۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عِلۡمَۢا) صدق الله العظيم
وأن هذا الدحو يكون مفرود من كل الجهات ( طحاها)، كما قال بهذا الكثير كمجاهد والطبري
ﺃﻧﺒﺄ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﺁﺩﻡ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﻭﺭﻗﺎء، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻧﺠﻴﺢ، ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: (ﻭاﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻃﺤﺎﻫﺎ) [اﻟﺸﻤﺲ: 6] ، ﻳﻌﻨﻲ: «ﻭﻣﺎ ﺩﺣﺎﻫﺎ
فكيف يعطينا ظاهر القرآن الكريم أن وجه الأرض مسطوح وأنها مدحوة مطحوة مفروشة مبسوطة، ثم نقول أنها كرة؟ ومعنى كرويتها ينافي تسطحها يحدث تعارض في معاني القرآن الكريم، أولاً نطالب بالدليل على هذا القول من القرآن أوالسنة، يعني عندما تقول هذا بسبب كبر حجم الكرة، اين دليلك ام هو اعتقاد؟ الدحو يفيد بوجود السبع اراضين و (سطحت) تفيد ان السطح الذي نعيش عليه منبسط كما أفدنا سابقاً أقوال أكثر اهل العلم في العلاقة بين الدحو ومد الأرض ووجود السبع أراضين، وقول انها كرة ومسطحة يجعل من القرآن متناقضاً، فكيف لنا بسبع اراضين، جمعهم الله في أرض واحدة، مدحوة، مطحوة، مبسوطة، مفروشة ان تكون كرة؟ أو سبع كرات؟
تجد أن السموات مقرونة بالأرض في الكثير من الآيات الموجودة في القرآن الكريم ( أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِی وَلَا نَصِیرٍ) صدق الله العظيم
وذلك لأن السبع أراضين هم سبع أراضين مجمعون في أرض واحدة كما بينت لنا هذا المعاجم، وهي واضحة في كتاب الله، فالأرض تكون مفرده فيه بينما السموات تكون جمع لأنها سبع سموات منفصلات
ويظهر لنا هذا الإقتران في قوله تعالى ( ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (٢٨) وَأَغۡطَشَ لَیۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا (٢٩) وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ دَحَىٰهَاۤ) صدق الله العظيم
فالسماء بناء والأرض دحو وأن السماء من العلو فهي فوقنا وسماء من يسمو ( وَبَنَیۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعاً شِدَادا ) صدق الله العظي
قيل أن ( سطحت) تعني جزء من الأرض. نقول اين الدليل على هذا؟
لنأخذ بدليل ظاهر
قال الله ( أَفَلَا یَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَیۡفَ خُلِقَتۡ (١٧) وَإِلَى ٱلسَّمَاۤءِ كَیۡفَ رُفِعَتۡ (١٨) وَإِلَى ٱلۡجِبَالِ كَیۡفَ نُصِبَتۡ (١٩) وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ) صدق الله العظيم
الإبل؟ كلها وليس جزء منها
السماء ؟ كلها وليس جزء منها
الجبال ؟ كلها وليس جزء منها
الأرض ؟ لماذا نقول أن المقصود هو جزء من الأرض؟ لأن هذا تعارض مع قول فلان ؟
وقس على هذا كلمة أرض في القرآن الكريم، تجدها عامة تقصد الأرض كلها بمائها وهوائها الذي تتشارك فيه مع السماء ويسمى بجو السماء ( أَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَى ٱلطَّیۡرِ مُسَخَّرَ ٰت فِی جَوِّ ٱلسَّمَاۤءِ مَا یُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰت لِّقَوۡم یُؤۡمِنُونَ) صدق الله العظيم
والطير من سكان الأرض لذلك يعتبر جو السماء جزء من الأرض كذلك، ولكن تخصيص كلمة أرض لكل هذا يرجع لتكريم الإنسان على سائر المخلوقات ( لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیم) ، فجعل له اليابسة ( الأرض ) والتي تكونت من الطين والماء والتي خلق الله منها هذا الإنسان وهي المكان الذي يستقر فيه (مِنۡهَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ وَفِیهَا نُعِیدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ) صدق الله العظيم
وبهذا أنتقلنا من تخصيص كلمة أرض التي تشمل اليابس والماء والهواء، الى تخصيص الأرض المخلوقة من طين والتي تشمل اليابسة. ولا يحق لنا ان نخصص هذا التخصيص إلا اذا أشار بهذا سياق الإيات. ففي آية ( مِنۡهَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ)، علمنا أن هناك تخصيص للأرض المكونة من الماء والتراب وهو نفس خلق الإنسان. وفي قوله تعالى ( یَـٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِی كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّوا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُوا۟ خَـٰسِرِینَ)، علمنا ان هناك تخصيص كذلك فعلمنا أن الأرض المقصودة هنا هي أرض مقدسة
وبهذا نعلم أنه إن لم يتم ذكر أي تخصيص في الآيات، فنعلم أن المقصود هو الأرض كلها وليس جزء منها
وكذلك في قوله تعالى ( وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ (١٠) فِیهَا فَـٰكِهَةࣱ وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ (١١) وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّیۡحَانُ ) صدق الله العظيم
هنا كذلك تخصيص لأن ( فيها ) تعود على الأرض، ونعلم ان الفواكه والنخل الموصوف والحب موجود على اليابس، على الرغم أن كلمة الأنام تشمل الثقلين الإنس والجان ونعلم أن من الجان من يعيش في الماء، لكن كما ذكرنا أن الإنسان هو المخلوق المعني من الدرجة الأولى وأن الجان تابع للإنسان
ومن الآيات التي تشمل فيها الأرض اليابسة والماء والهواء قوله تعالى ( فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدو وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَر وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِین) صدق الله العظيم
فهبط الإنس والجان، للأرض كلها. منهم من سكن اليابسة ومنهم من سكن في الماء، ومنهم من يغوص في الماء ومنهم من يطير في الهواء
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا، وَقَالَ عُثْمَانُ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ، فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ، فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً “. رواه مسلم
وبهذا نفيد أن أغلب المواضع التي تم ذكر الأرض فيها تفيد العموم، لا يتم التخصيص إلا من الآيات والسياق
مقال الله (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ) صدق الله العظيم