الفتنة

الفتنة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

قال الله ( الۤمۤ (١) أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ (٢) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ (٣) أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن یَسۡبِقُونَاۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ (٤)﴾ [العنكبوت ١-٤] صدق الله العظيم

ماهي الفتنة؟ وما هي مصادر الفتن؟

قال الله ( یَسۡـَٔلُونَ أَیَّانَ یَوۡمُ ٱلدِّینِ (١٢) یَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ یُفۡتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا۟ فِتۡنَتَكُمۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ (١٤)﴾ [الذاريات ١-١٤] صدق الله العظيم

ماذا نفهم من قوله تعالى ( یَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ یُفۡتَنُونَ) ؟ ماذا تعني ( يفتنون ) هنا؟

نعلم أن الفِتنة من الإختبار والإمتحان وقد تكون كذلك من الإغواء، ولكن كيف يكون هناك إختبار أو إمتحان في جهنم بعد يوم الحساب؟

فِتنة بكسرة وهي الإختبار، أما فَتْن فمعناها من الإحراق وكلا المعنيين يعود للجذر فتن

وفَتْن منها يفتنون ويظهر هنا أن هناك علاقة كبيرة بين الإحراق والفتنة فيقال: فَتَنْتُ الذهبَ، إذا أدخلتَه النار لتنظر ما جودته، أي أختبرت جودة الذهب بالحرق وهذا هو معنى فتن

فنقول أن معنى يفتنون هنا هو التعذيب والتحريق، أي يوم هم يعذبون على نار جهنم وأصل الفتن الإختيار من الإختبار. وشاع إطلاقه على إذابة الذهب على النار في البوتقة لإختيار ما فيه من معدن غير الذهب، ولا يُذاب إلابحرارة نار شديدة

فهذا معنى فتنة الذي تم إستنتاجة ومعنى فتنة في سورة الذاريات هو العذاب بالحرق الشديد كما في قوله تعالى في سورة البروج (إِنَّ ٱلَّذِینَ فَتَنُوا۟ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَتُوبُوا۟ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِیقِ)، أي حرقوا المؤمنين والمؤمنات

وفي الحديث الطويل الذي رواه مسلم في صحيحه و أحمد والترمذي والذي يحكي قصة أصحاب الأخدود، وصف دقيق لمعنى فتنة في عدة مواضع

حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ ،،،، إلى قوله ” فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ. فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ : ((( مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ : اقْتَحِمْ. ))) فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ : يَا أُمَّهِ اصْبِرِي، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ “. رواه مسلم

فماذا فعل الملك هنا؟ خير المؤمنين فقال “مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ : اقْتَحِمْ”، وفي هذا بيان ان الفتنة هي إمتحان وعاقبتها عذاب في النار فتم بذلك الأمر بالأخدود في أفواه السكك وإشعال النيران فيها ليتم إحراق من لا يرجع عن دينه

فنقول أن من فتن المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوب، له عذاب جهنم وله عذاب الحريق فينطبق عليه قوله تعالى ( یَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ یُفۡتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا۟ فِتۡنَتَكُمۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ) صدق الله العظيم

من أين تأتي الفتن؟

قال الله ( إِذۡ تَمۡشِیۤ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن یَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَـٰكَ إِلَىٰۤ أُمِّكَ كَیۡ تَقَرَّ عَیۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡساً فَنَجَّیۡنَـٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ ((( وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونا ))) فَلَبِثۡتَ سِنِینَ فِیۤ أَهۡلِ مَدۡیَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَر یَـٰمُوسَىٰ) صدق الله العظيم

وفي قوله تعالى (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا)، أي اختبرناك، وبلوناك، فوجدناك مستقيما في أحوالك أو نقلناك في أحوالك، وأطوارك، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه

قال الله ( وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَیۡمَـٰنَ وَأَلۡقَیۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِیِّهِۦ جَسَدا ثُمَّ أَنَابَ) صدق الله العظيم

ماذا نستفيد من هذا؟

نعلم أنه حتى الرسل والأنبياء تتم فتنتهم وهي فتنة من عند الله. ونعلم أن الفتنة قد تتضمن البلاء أيضاً. والأهم أن للفتنة أنواع فمنها البلاء والمشقة والإنتقال من حال لآخر كما أن الفتنة قد تأتي مع الخير كذلك ( كُلُّ نَفۡس ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَیۡرِ فِتۡنَة وَإِلَیۡنَا تُرۡجَعُون) [الأنبياء ٣٥] صدق الله العظيم

وقد يفتن الإنسان بالنعم التي رزقه الله بها كما في قوله تعالى ( فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) صدق الله العظيم

قال الله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) صدق الله العظيم

ولذلك نرجع لتعريف الفتنة المذكور ونقول أن من نتائج خسران الدنيا والآخرة وهذا يقتضي عذاب الله وعذاب الحريق في الآخرة

وهل يكون الناس فتنة لبعضهم البعض؟ هل توجد فتنة من الناس؟

قال الله ( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَاۤ أُوذِیَ فِی ٱللَّهِ جَعَلَ ((( فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ ))) كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ وَلَىِٕن جَاۤءَ نَصۡر مِّن رَّبِّكَ لَیَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَلَیۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِی صُدُورِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ) صدق الله العظيم

قال الله ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ((( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ))) وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ) صدق الله العظيم

وحتى إرسال الرسل قد يكون فتنة، فيقول الناس لماذا هو؟ كيف يكون منا؟ أيعقل؟ ولذلك كانت الآية السابقة رد لما يقوله المشركين ( وَقَالُوا۟ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ یَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشِی فِی ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَلَك فَیَكُونَ مَعَهُۥ نَذِیرًا) صدق الله العظيم

قال الله ( إِنَّمَاۤ أَمۡوَ ٰ⁠لُكُمۡ وَأَوۡلَـٰدُكُمۡ فِتۡنَة وَٱللَّهُ عِندَهُۥۤ أَجۡرٌ عظيم) صدق الله العظم

وهذه من الفتن الصغيرة اذا تمت مقارنتها بالفتن التي حذر منها الرسل والأنبياء كفتنة الدجال ويأجوج ومأجوج، وبهذا نقول أن للفتن درجات وأنواع

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَقِيقٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ ؟ قُلْتُ : أَنَا، كَمَا قَالَهُ، قَالَ : إِنَّكَ عَلَيْهِ – أَوْ عَلَيْهَا – لَجَرِيءٌ، قُلْتُ : ” فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ، وَمَالِهِ، وَوَلَدِهِ، وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ، وَالنَّهْيُ “. قَالَ : لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ، قَالَ : لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ : أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ ؟ قَالَ : يُكْسَرُ، قَالَ : إِذَنْ لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْنَا : أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ ؟ قَالَ : نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا، فَسَأَلَهُ فَقَالَ : الْبَابُ عُمَرُ. أخرجه البخاري في صحيحه والترمذي وأحمد عن الأعمش

وكذلك أخرجه مسلم في صحيحه

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ

وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَفِي حَدِيثِ عِيسَى ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ

وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، وَالْأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ : مَنْ يُحَدِّثُنَا عَنِ الْفِتْنَةِ ؟ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ – زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ : ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ “. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ، فَقَالَ : ” إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ “. أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم وأبي داوود والنسائي وأحمد

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. رواه البخاري

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَقُولُ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِي يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ الْمُسْلِمُونَ ضَجَّةً. رواه البخاري

وبهذا نعلم ان الفتنة موجودة في الدنيا وبعد الممات في القبر وفي الآخرة في جهنم وبذلك نعلم انها اختبار أو بلاء وعدم اجتيازها بالإيمان الصحيح يؤدي الى عذاب أو عقاب

وأمر الفتنة ماهو الا أمر عظيم لايستهان به ولا يحمي المسلم الا الإيمان المطلق، ففي فتن اليوم، والتي قد تكون مقدمة لفتن آخر الزمان، تجد فيها أكبر مثل لجعل ضعيفي الإيمان يتبعون غير سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء هم المبدلين ونسأل الله ان يثبتنا ويبعدنا عنهم

عن ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻤﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: “ﻛﺎﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻦ اﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﺮ، ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻛﻨﻲ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺷﺮ، ﻓﺠﺎءﻧﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺨﻴﺮ، ﻓﻬﻞ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺮ ﺷﺮ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻫﻞ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ، ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻭﻓﻴﻪ ﺩﺧﻦ، ﻗﻠﺖ: ﻭﻣﺎ ﺩﺧﻨﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﻮﻡ ﻳﺴﺘﻨﻮﻥ ﺑﻐﻴﺮ ﺳﻨﺘﻲ، ﻭﻳﻬﺪﻭﻥ ﺑﻐﻴﺮ ﻫﺪﻳﻲ، ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺗﻨﻜﺮ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻫﻞ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ اﻟﺨﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺮ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﺩﻋﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮاﺏ ﺟﻬﻨﻢ، ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺑﻬﻢ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﺬﻓﻮﻩ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺻﻔﻬﻢ ﻟﻨﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻗﻮﻡ ﻣﻦ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ، ﻭﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻨﺎ، ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﺇﻥ ﺃﺩﺭﻛﻨﻲ ﺫﻟﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﺗﻠﺰﻡ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺇﻣﺎﻣﻬﻢ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﺇﻣﺎﻡ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﺎﻋﺘﺰﻝ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮﻕ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺗﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺷﺠﺮﺓ، ﺣﺘﻰ ﻳﺪﺭﻛﻚ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ. ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﻤﺤﺎﻣﻠﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَا : إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ ؟ فَقَالَ : يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي. فَقَالَا : أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } ؟ فَقَالَ : قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ. رواه البخاري

وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي فُلَانٌ ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا، وَتَعْتَمِرَ عَامًا، وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ. قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي، بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ ؛ إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلَاةِ الْخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ. قَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } ، إِلَى : { أَمْرِ اللَّهِ } ، { قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } . قَالَ : فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. رواه البخاري

قَالَ : فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ ؟ قَالَ : أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ . وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ : هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. رواه البخاري

ولذلك يؤكد لنا الله في كتابة خطورة الفتنة

قال الله ( وَقَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِینَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ (١٩٠) وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَیۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ ((( وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ ))) وَلَا تُقَـٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِیهِۖ فَإِن قَـٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ جَزَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ (١٩١) فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُور رَّحِیم (١٩٢) وَقَـٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَة وَیَكُونَ ٱلدِّینُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَلَا عُدۡوَ ٰ⁠نَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ (١٩٣)) [البقرة ١٩٠-١٩٣] صدق الله العظيم

قال الله ( هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰت مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰت فَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمۡ زَیۡغ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَاۤءَ تَأۡوِیلِهِۦۖ وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّ ٰ⁠سِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ یَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُل مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ) صدق الله العظيم

وفي قوله تعالى (فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ)، هنا ننتقل بالمعنى المقصود بالفتنة من الإمتحان والتعذيب الى الإضلال أو الإغواء ليتبقى على من تم تضليله أن يختار، فإما أن يتبع قول الذي يبتغي الفتنة، أو أنه يتبين ليعرف المعنى الصحيح للآية. وبالتأكيد توجد عاقبة لمن فعل هذا ولكنها تختلف عن من كفر بالله واليوم الآخر على سبيل المثال

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } . إِلَى قَوْلِهِ : { أُولُو الْأَلْبَابِ } . قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ “. رواه البخاري ومسلم

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s