الصف في الصلاة

الصف

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

قال الله ( وَٱلصَّـٰۤفَّـٰتِ صَفا) صدق الله العظيم

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ : جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ “. وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى. رواه مسلم

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ ، حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ. رواه مسلم

فهل التباعد بين المصلين في الصلاة أمر يستهان به؟

قال بعض الفقهاء بأن التراص بين الصفوف مستحب وليس واجب. ماهو الدليل من القرآن أو السنة؟ هذا ما سيتم البحث عنه اليوم

قال الله ( إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلَّذِینَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِهِۦ صَفا كَأَنَّهُم بُنۡیَـٰناً مَّرۡصُوص) صدق الله العظيم

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ( مَرْصُوصٌ )، أي مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْض

أي انه من مزايا الصف انه يكون بنيان مرصوص ومرصوص تعني انه متلاصق بعضه البعض

ألا يكفي هذا بأن نقول انه يتوجب علينا ان نصطف كما تفعل الملائكة بالطريقة التي يحبها الله؟ المسألة تعتمد على درجة الإيمان، ولذلك يتوجب تقديم المزيد من البراهين على هذا

ﻋﻦ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﺣﻤﻴﺪ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ : اﺳﺘﻮﻭا، ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺎ، ﻭاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ، ﺇﻧﻲ ﻷﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ

ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ : اﺳﺘﻮﻭا، اﺳﺘﻮﻭا، ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻷﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ

ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ : اﺳﺘﻮﻭا، اﺳﺘﻮﻭا، اﺳﺘﻮﻭا، ﻓﻮاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ، ﺇﻧﻲ ﻷﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ

الأول ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ والثاني أخرجه ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﺣﺪﻩ.

عن ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ (ﺃﻗﻴﻤﺖ اﻟﺼﻼﺓ، ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻮﺟﻬﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻗﻴﻤﻮا ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ ﻭﺗﺮاﺻﻮا، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﻭﺭاء ﻇﻬﺮﻱ ) ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ

هل نرى صيغة الأمر في هذا الحديث؟

ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ : ﺃﻗﻴﻤﻮا اﻟﺼﻔﻮﻑ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺭاﻛﻢ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮﻱ

ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ : ﺃﺗﻤﻮا اﻟﺼﻔﻮﻑ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺭاﻛﻢ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮي ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ

ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﻻ ((ﺗﺼﻔﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﺗﺼﻒ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ)) ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﺎ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺼﻒ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻳﺘﻤﻮﻥ اﻟﺼﻔﻮﻑ اﻷﻭﻟﻰ، ((ﻭﻳﺘﺮاﺻﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ))) ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ

من مكانة هذا الصف قالوا تفاخراً (وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّاۤفُّونَ﴾ [الصافات 165]، ولمكانة الصف أقسم اْللّٰه باسمهم وبفعلهم فقال، (وَٱلصَّافَّات صَفّا) [الصافات 1] صدق الله العظيم

ﻋﻦ ﺃﻧﺲ، ﺃﻥ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎل (ﺭاﺻﻮا ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ، ﻭﻗﺎﺭﺑﻮا ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻭﺣﺎﺫﻭا ﺑﺎﻷﻋﻨﺎﻕ)، ﻓﻮاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻴﺪﻩ، ﺇﻧﻲ ﻷﺭﻯ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ اﻟﺼﻒ، ﻛﺄﻧﻬﺎ اﻟﺤﺬﻑ) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ

وهل كل هذا التباعد ضروري ؟ ماهذا الڤيروس الذي ابعدنا عن ذكر الله وفتنا كما سيفتن الدجال الناس؟

لنبدأ بإستعراض أحاديث العدوى لنذكر الناس بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك لنا شيء الا وذكره لنا

عن الزهري، قال: حدثني السائب بن يزيد، ابن أخت نمر، أن النبي ﷺ قال “لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة” أخرجه أحمد، ومسلم، والفسوي، وابن أبي عاصم، في “السنة”، والطبراني

العدوى اسم من الإعداء، يقال: أعداه الداء، يعديه إعداءً وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء.ولا صفر الصفر دواب في البطن، وهي دود، وكانوا يظنون أن في البطن دابة تهيج عند الجوع، وربما قتلت صاحبها، وكانت العرب تراها أعدى من الجرب

ولا هامة : إن العرب كانت تظن أن عظام الميت، وقيل روحه، تنقلب هامة تطير، وهي بتخفيف الميم على المشهور، وقيل بتشديدها

عن قتادة، أنه سمع أنسا قال: إن رسول الله ﷺ قال :لا عدوى، ولا طيرة، قال: ويعجبني الفأل، فقلت: ما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة

وفي رواية: “لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل، الكلمة الطيبة، والكلمة الصالحة

وفى رواية: “لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة. أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي، وأبو يعلى، والبيهقي

عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، أن أبا هريرة قال: إن رسول الله ﷺ قال: لا عدوى، فقام أعرابي فقال أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء فيأتيه البعير الأجرب فتجرب، قال النبي ﷺ : فمن أعدى الأول؟ أخرجه البخاري، ومسلم

عن عمرو بن دينار، قال: اشترى ابن عمر من شريك لنواس إبلا هيما، فلما جاء نواس، قال لشريكه: ممن بعتها، فوصف له صفة ابن عمر، فقال: ويحك، ذلك ابن عمر، فأتى نواس إلى ابن عمر، فقال: إن شريكي باعك إبلا هيما، وإنه لم يعرفك، قال: خذها إذا، فلما ذهبت لأخذها، قال: دعها، رضينا بقضاء رسول الله ﷺ “لا عدوى”. أخرجه الحميدي، والبخاري، وأبو يعلى، والبيهقي

عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : لا عدوى ولا صفر ولا هامة، قال أعرابي فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها فقال النبي ﷺ : فمن أعدى الأول؟

وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعد يقول قال النبي ﷺ : لا يوردن ممرض على مصح

وأنكر أبو هريرة حديث الأول قلنا ألم تحدث أنه لا عدوى فرطن بالحبشية، قال أبو سلمة فما رأيته نسي حديثا غيره.أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة

ويتبقى لنا التعقيب على موضوع فهمنا لأحاديث العدوى، قال الرسول لاعدوى وفهم المتقدمين لهذا يختلف تماماً عن فهم المتأخرين فلماذا؟ لماذا نقول أن الرسول يقصد كذا وكذا؟ هل بهذا نفيد أنه لم يعطينا التعبير الصحيح؟ هل هذا يفيد بأننا قلنا أن أبو هريرة لم يفهم معنى لا عدوى ولذلك رطن بالحبشية؟ ان لم يكن معنى لا عدوى بأنها فعلاً لا عدوى لما رطن ابو ﻫﺮﻳﺮﺓ بالحبشية لأنه قد يكون خاف أن يقول أحد الجهال أن الرسول يناقض قوله، فماذا كانت النتيجة؟ قام بعض المتأخرين بتفسير لاعدوى بأن هناك عدوى وكانت هذا فقط رد على أهل الجاهلية بالإفادة أن كل شيء بقدر الله. هل فعلاً هذا صحيح؟ ماذا انت تقدم العلم وأثبت أنه غير صحيح؟ ماذا إن توافق كلام بعض الإطباء المشهورين مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم بلاعدوى؟

أولا: رزق الله رسولنا الكريم بجوامع الكلم، فيستحيل أن لاعدوى تعني شيء متخصص، فمعنى جوامع الكلم يفيد أن قول الرسول هذا شامل يناسب كل زمان ومكان وقد جمع بهذا الكلم كل ماسبق

يتوجب فهم السياق كذلك وعدم الخروج عن معنى النص الكامل فقاعدة تطبيق التعميم على التخصيص صحيحة ولكن يتوجب الأخذ بالسياق الكلي وعدم تحريف الكلم عن موضعه، وقد لاينطبق التعميم في بعض الحالات كما قال بهذا الكثير من العلماء. وكذلك الحذر من الإستشهاد باللفظ دون السياق فيتم أخذ مايناسب الهوى مما يؤدي الى تغيير المعنى الإجمالي للآية أو السورة التي تم الإستشهاد بها. فلا تستطيع الإستشهاد بقوله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ )، دون أن تأخذ الآية التي تليها، ولا تستطيع ان تنسب أهل الذكر للعلماء لأنك بهذا جعلت البقية مجوس أو قوم لم يأتيهم رسول، فمن هم أهل الذكر وما هو السؤال المراد؟ تغير المعنى كلياً هنا

فقال الرسول لاعدوى وهذا يعني لاعدوى ولا يعني أن هناك عدوى، وان كان هو المعنى الذي فسره بعض المتأخرين، لكان من السهل على رسولنا الكريم وصف التفسير الذي تم تفسيره بقول أسهل

هي نفس المعضلة التي نعاني منها في من يفسر القرآن بالعلم وغيره. القرآن لا يفسره الا القرآن وكلام سيد الخلق. القرآن لايفسره البشر ولا يعلم تأويله الا الله. البشر يتدبرون ويفهمون ويؤول الله لهم القرآن فالرحمن هو وحده من يعلم القرآن

ويتبقى موضوع ( لا يوردن ممرض على مصح )، فهل يصح التعميم هنا على جميع الأمراض والأوبئة؟

لنضرب مثل قبل الإفادة، هل تعميم المرض هنا ينطبق على مرض السرطان؟ يعني يتوجب عزل مريض السرطان عن السليم؟ لأنه يعدي السليم؟ ان قلت نعم فأنت تتحدث بجهالة وإن قلت لا فهذا يفيد ان الرسول صلى الله عليه وسلم غير دقيق في كلامه، لماذا يعمم إذاً؟

ماهي الحالة الخاصة أولاً؟

المرض هنا هو الجرب، وفي الأبل (ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻝ اﻹﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻞ ﻛﺄﻧﻬﺎ الظباء ﻓﻴﺨﺎﻟﻄﻬﺎ اﻟﺒﻌﻴﺮ اﻷﺟﺮﺏ ﻓﻴﺠﺮﺑﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻓﻤﻦ ﺃﻋﺪﻯ اﻷﻭﻝ)، فهل يصح مقارنة الجرب بالوباء؟ وهل يصح مقارنة الوباء بالعذاب كالطاعون؟ وهي يصح مقارنة الإنسان بالحيوان؟

لنفهم كل هذا، سنتحدث عن تجربتي الخاصة بمرض الجرب والذي أصبت به قبل عشرون سنة عندما كنت في العشرون من العمر. وكان هذا من أكثر الأمراض إزعاجاً، ولنا قصة قصيرة لننتهي من كل الإشكال. زارني أحد الأصدقاء وكان لديه مرض الجرب، سكن هذا في بيتي لمدة يومين، ينام في نفس مكاني أو غيره، اتتني هذه الحشرة وأصابت أكثر من زاروني، وهي حشره أراها تمشي في جسمي، وتبيض في اليوم عدة مرات، ولديها القدرة على القفز من جسم لآخر، ومع ذلك، كانت تقفز على البعض ولايصيبهم شيء. فلماذا ؟ ولماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول؟ و هل هذه عدوى؟ الجواب لا. كانت تقفز من الأغطية كالصوف الى جسم الإنسان وليس من جسم إنسان لجسم إنسان، يتوجب الإلتصاق بصوف أوشعر لتنتقل ولذلك أنتقالها سريع في الإبل. مثل هذا عندما يأكل الإنسان طعام فاسد أو مسموم ويصاب بأي نوع من البكتيريا كالسالمونيلا. فما علاقة الجرب بالوباء؟ كل في وادي ولا يصح تعميم حديث ( لايوردن ممرض على مصح) على جميع الأمراض، فهنا تخصيص لا يمكن تعميمه. لأن في هذا تحذير من هذه الحشرة، فمنها الضرر حتى ان لم تصيب فهي تعيش في المفروشات والأقمشة وتتكاثر بسرعة ولا يقتلها الا أشعة الشمس

قال الله ( تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِی بِیَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء قَدِیرٌ (١) ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلا وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ) صدق الله العظيم

الإنسان مكلف بعبادة الله ولاتكون الإصابة بالمرض إلا ابتلاء أو تطهير للذنوب أوالأفعال، وهي قاعدة عامة تنطبق على كل البشر ولذلك قد تأتي هذه الحشرة على جسم أحد الناس ولاتصيبه، وذلك لأن أعماله حسنه فلا يصيبه مكروه بإذن الله

قال الله ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) صدق الله العظيم

فسؤال: هل ستحميك كل هذه الإحترازات من قدر الله؟ لانقارن أنفسنا بعمر إبن الخطاب وأبو عبيدة رضي الله عنهما لأن إيمانهم يختلف عن إيماننا، والطاعون يختلف عن الكورونا، فالإستشهاد بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمر الجيش بالتراجع وعدم الدخول في أرض الطاعون، يطابق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا، وهو تخصيص للطاعون، وكل حديث عن الطاعون خاص بالطاعون فقط

قال الله ( قُل لَّاۤ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِی ضَراً وَلَا نَفۡعًا إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَاۤءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا یَسۡتَـٔۡخِرُونَ سَاعَة وَلَا یَسۡتَقۡدِمُونَ﴾ [يونس ٤٩] صدق الله العظيم

فهذا النبي صلى الله عليه وسلم لايملك ضر ولا نفع لأي مخلوق، كلٌ من عند الله، فمن سيقينا من المرض إلا الله

قال الله ( قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ) صدق الله العظيم

ستقول لكن علينا الأخذ بالأسباب؟

من الجهل ان تتوقف عن الصلاة في جماعات ثم تحتج على الأخذ بالأسباب، لأن السبب الرئيسي في هذه الفتنة أن فيها دعوة الناس للرجوع الى الله ( ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِی ٱلنَّاسِ لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِی عَمِلُوا۟ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ)، وليس الإرتقاء في العلم لمعالجة الوباء وأخذ الإحترازات، فالتهلكة الحقيقية هي عدم إدراك هذه الحقيقة البسيطة

ولذلك وإن أجمع العلماء على جواز التباعد في الصلاة، نقول ثبت في الكتاب والسنة عكس هذا

قال الله ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیما) صدق الله العظيم

وتذكر أن الإختلاف من صفات المشركين

قال الله ( فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفا فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَیۡهَاۚ لَا تَبۡدِیلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ (٣٠) ۞ مُنِیبِینَ إِلَیۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ (٣١) مِنَ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعا كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ (٣٢)﴾ [الروم ٣٠-٣٢] صدق الله العظيم

وإن كان هذا الإختلاف حتى على معنى آية فمن قال لك بضرورة الإختلاف، نقول ان هذا ينافي الدين

عن عبد الله بن عمرو قال : هجَّرتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا . قال فسمع أصواتَ رجلَين اختلفا في آيةٍ . فخرج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . يُعرَفُ في وجهه الغضبُ . فقال ” إنما هلك مَن كان قبلَكم باختلافِهم في الكتابِ ” . رواه مسلم

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s